اليوم يحتفل العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة والتعبير، يوم يتباكي فيه بعض الصحافيين على " هامش الحرية " الذي يتمتعون به، ويتباكى آخرون على الوضعية الإجتماعية المزرية التي يعيشها أصحاب مهنة الموت والمتاعب .. نحن في الجزائر نحتل المرتبة ال 121 عالميا في ترتيب هامش الحرية الإعلامية. وإذا كانت الحرية الإعلامية حق للجميع : مواطنين وصحافيين، فإن الدولة ملزمة بتوفير شروطها الضرورية .. لأن المستفيد الأول من الحرية، ليس الصحافي كما يعتقد كثير من الناس، إنما الدولة. فكلما تعززت الحرية، أصبح ممكنا للصحافة كشف الفساد والمتسببين فيه والمساهمة في التنمية المادية والبشرية. وبالمقابل فإن أكبر خاسر في " دولة الحرية " هم بارونات الفساد والمافيا .. وتكون الدولة الجزائرية قد تفطنت لهذه القضية ، خاصة بعد أن وجه الرئيس بوتفليقة دعوة للصحافة لمساعدته على محاربة الرشوة والفساد. إن محاربة الآفات هي مهمة من مهام رجل الإعلام.. لكن توفير الحرية هي مهمة الدولة. والحرية هي مثل الجوهرة الثمينة .. لا تمنح إلاّ لمن يقدرها حق قدرها.. ومتى منحت الحرية الإعلامية لمن لا يستحق .. تحولت لمعاول هدم بدل البناء. لذلك تعد " علمنة الصحافة "، بتحييد هيمنة رجال المال والسياسة ودور الإعلانات والمطابع .. بمثابة البيئة الملائمة للإنتعاش. كما أن التكوين الجيد للصحافيين يساعد " الحرية " على الإزدهار .. لأننا كثيرا ما نقرأ توجها تسويديا للصحافة، وأحيانا أحكاما بدون دليل، أو تقوم على الرغبات بعيدا عن أخلاق المهنة. فبالأمس فقط قرأت خبرا مفاده أن الصحفي كريم بوسالم أصبح من أصحاب " العصمة " في التلفزة الجزائرية، بمعنى " بارون " ، هكذا حكم بدون أي إضافة تشرح وتوضح وبدون أي دليل. ويفهم من محرر الخبر " الدعاية " أن المدة التي قضاها كريم بوسالم في برنامج " في دائرة الضوء " أو في تنشيط نشرة الثامنة الرئيسية هي التي جعلت الصحفي يحكم عليه هكذا. والحقيقية هي أن كريم بوسالم منذ أن كان طالبا عندى في قسم الإعلام، كان يحلم بتقديم برنامج حول الوضع الدولي، واستشارني أكثر من مرة وهو طالب في " إعداد " مثل هذا البرنامج، وصبر حتى فتح الله عليه أبواب التلفزة، بعد أن تنقل بين الإذاعة والصحافة المكتوبة، ونشط صباحيات ثم نشرة الثامنة، قبل أن يحقق حلم " العمر " وهو " برنامج في دائرة الضوء ". المنشطون الكبار في التلفزيونات الدولية الكبيرة يسجلون برامجهم في الملكية الفكرية، وإذا غادروا التلفزيون سين، يأخذون معهم برنامجهم للتلفزة عين. مثال واحد يكفي " فحمدي قنديل صاحب قلم رصاص " يتنقل ببرنامجه من تلفزة لأخرى. فهل هذا مدعاة لوصف كريم بوسالم بأصحاب العصمة إذا ظل على رأس في "دائرة الضوء " .؟ لننظر مثلا لقناة الجزيرة، التي أصبحت القناة السياسية الحوارية رقم 1 في منطقتنا العربية، منذ نشأتها لم يتغير فيصل قاسم وهو صاحب الإتجاه المعاكس، ولا سامي حداد وهو صاحب برنامج أكثر من رأي، ولا أحمد منصور، صاحب " بلا حدود " وبرنامج " شاهد على العصر ". بل أصبح هؤلاء بمثابة العناوين البارزة للقناة. فهل النجوم البارزة هم " أصحاب العصمة " ؟ إن مقدمي النشرات التلفزيونية .. يعرفون باسم النجوم الإعلاميين .. والنجم الإعلامي صناعة .. وعادة ما يهيمن النجوم لفترة طويلة على الشاشة .. وهذه قاعدة ونادرا ما يكون لها استثناء. فلا ينبغي أن نستغل الحرية التي هي جوهرة ثمينة لتحطيم البرنامج الوحيد الذي حافظ على صدوره لمدة طويلة وأصبح له جمهور حتى في بلدان عربية. فهل كلما ذاع صيت ، أو تلألأ نجم فلان أو علان .. نحطمه ، من أجل أن يبرز آخرون ؟ مجرد سؤال .. مع تمنياتي الحارة والخالصة لجميع الإعلاميين الجزائريين.