مع مرور الأيام يتضح موقف الحكومة الإسرائيلية من قضية المفاوضات مع الفلسطينيين، نتنياهو يقول صراحة إن الدولة الفلسطينية ليست من تفاصيل الحل الذي يقترحه، والأفكار التي تطرح من قبل تل أبيب قد تتقاطع مع حل الثلاث دول الذي يلقى دعما من قبل بعض النافذين في المؤسسات الرسمية الأمريكية. وزير الخارجية الإسرائيلي، العنصري المتطرف افيغدور ليبرمان، يتجول هذه الأيام في أوروبا، يستقبل بالأحضان والابتسامات ويحظى بحسن الاستماع من قبل المسؤولين في العواصم التي يزورها، والموضوع الأول الذي يطرقه في كل محطة يصلها هو إيران وما تمثله من خطر على العالم، ولا أحد يجرؤ على تذكير ليبرمان بمبادئ الحل، ولا أحد يتذكر كيف تعامل الغرب مع الحكومة الفلسطينية المنتخبة شرعيا. لقد كان الحصار الذي ضرب على الحكومة الفلسطينية بقيادة حماس مقدمة لتصدع الصف الفلسطيني وللمحرقة الصهيونية في قطاع غزة، وكان المطلب الذي رفعه الأوروبيون والأمريكيون، وسائر المتواطئين في جريمة الحصار، هو ضرورة أن تعترف حماس بإسرائيل وأن تقر بحقها في البقاء، ونفس الوضع أصبح قائما اليوم مع الحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو، مع فارق مهم هو أن لا أحد من الذين نصبوا أنفسهم ممثلين للمجتمع الدولي يجرؤ على الضغط على إسرائيل أو على مطالبتها بشيء. ما يقترحه نتنياهو من حل يقوم على ثلاثة أركان هي، تحويل المفاوضات إلى عملية بلا هدف ولا نهاية، وهذا ما عبر عنه بالقول إننا مستعدون لاستئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة، وتشكيل أجهزة أمنية فلسطينية في خدمة إسرائيل وتوفر مناخ الحرب الأهلية من خلال مواصلة تنفيذ ما عرف بخطة الجنرال دايتون، واختزال الحقوق الفلسطينية في إشباع الحاجات من المأكل والملبس وهو ما يسميه بالشق الاقتصادي. ليست هناك خيارات كثيرة أمام دعاة التفاوض مع إسرائيل، هم أمام حكومة إسرائيلية لا تريد أن تمنحهم حتى فرصة الحفاظ على ما بقي من ماء الوجه، والأسوأ من هذا أن ما يسمى بالمجتمع الدولي يدعم هذه الحكومة، فماذا سيقول هؤلاء لشعوبهم التي كادت تصدق كذبة السلام ؟.