بعد عرضه في ألمانيا وبغداد جمهور قاعة عبد القادر علولة بالمسرح الجهوي لوهران وفي إطار برنامج دورة القدس للمهرجان الوطني للمسرح المحترف على موعد سهرة اليوم مع الفرقة القومية للتمثيل لعرض العمل المسرحي المميز "دائرة العشق البغدادية " المسرحية المقتبسة عن الكاتب الألماني الشهير برتولد بريخت وإخراج الدكتورة عواطف نعيم من تمثيل الفنانين: عواطف نعيم وعزيز خيون وسمر محمد وعدنان شلاش وماجد فريد ومحمد هاشم والشابين بهاء خيون وفرح طه. المحور الذي تدور حوله المسرحية (الطفل) الذي تركته أمه في ساعة الحرب القاسية، بعد أن جمعت ثيابها وكل شيء ثمين وتناست ذلك الطفل البريء الذي أخذته (نورا) التي كانت خادمة في القصر الدور الذي جسدته الفنانة فرح طه درويش بمقدرة وإجادة وتحملت في سبيله المعاناة الكثيرة، وفي لحظة المحاكمة التي أدى دور القاضي فيها الفنان المتألق (عزيز خيون) الذي كان رائعا بادائه وتقمصه للشخصية، وكان القرار العادل من القاضي أن يكون الطفل لفرح طه درويش التي ربت الطفل وليس لامه الحقيقية (سمر محمد) التي تركته يتلوى بين لهيب النيران. امتاز العرض بطريقة اشتغال حديثة وانسجام سينوغرافي في خلق علاقة حميمة بين الجمهور والممثلين وكسر كل جدران الايهام، والابتعاد عن التجريب والتقرب من هموم الناس وتطلعاتهم في موضوعة ساخنة تتحدث عن المصالحة الوطنية وعشق الوطن بعيداً عن الطائفية والذاتية المقيتة والدعوة للتسامح وعن العمل أوضح الممثل عزيز خيون أن ”الحالات الانسانية في نص بريخت تنطبق على أي مجتمع يخضع للظروف التي استقى منها مسرحيته لهذا طوعتها الفنانة د. نعيم لإسقاطها على الواقع العراقي الراهن “، أن تراكم التجارب جعلت من المسرح العربي ذا خصوصية مكتسبة من الحضارات والانتماءات للثقافة العربية والإسلامية فان استقلالية المسرح وضعت أمام سمو روحي مطلق على النقيض من الضبابية غير المعلنة وهو يمتلك تعددية في المنهج والرؤى، أن الخطاب الحر الذي لا يسير ضمن اتجاه محدد يحاول ان يتجاوز الدور الضيق وتحجيم ذهن المتلقي وإحالته إلى وعي متبصر في انساق الاتصال، المسرح الحديث الآن هو افق مفتوح على لانهائية المعنى بل هو توغل في حيثيات التفاصيل والرموز من دون الاحتكام إلى محددات سلفية، أنها القراءة ببصيرة متنورة واعية. المتلقي المتفحص والمتسلح بالمعرفة مكتشف مستشرف للمستقبل متعدد في قراءة زوايا المنجز وتأويلاته وله استقراؤه الخاص به إزاء وعيه ومعرفته وأحيانا يفاجئ الجميع نظراً لتراكم خبراته الحياتية وتأمله الطويل وتطلعه المستفيض بجميع أنواع التيارات والمذاهب الأدبية والمسرحية القديمة والحديثة، فاستقراء النص أو المنجز المسرحي حالة تأويلية أوجدها المنتج في ذهن المتلقي وهذا يعني انه جعل من تفكيره لا محدودية نهائية في اكتشاف المعنى، فالمنتج بنية تراكمية فرضها إزاء التأويل والاستقراء التعددي للخطاب