اعترف المدير العام للديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها، بأن ظاهرة استهلاك المخدرات عرفت تناميا كبيرا في المجتمع الجزائري خلال السنوات الأخيرة، حيث أشار في مقارنة إحصائية إلى حجز ما قيمته 590.1 طن من المخدرات سنة 1994 مقابل 037.38 طن سنة 2008، فيما أكد أن تزايد الظاهرة راجع إلى أسباب عديدة يتقدمها التحول الاقتصادي الكبير الذي عرفته الجزائر والمقرون بالظروف الاجتماعية الصعبة. أوضح سايح في الطبعة الجديدة من ندوة "ضيف التحرير" أن هناك عوامل عديدة ساهمت في تنام ظاهرة المتاجرة واستهلاك المخدرات، حيث أشار إلى وجود معطيات خارجية باعتبار أن الجزائر بلد مجاور للمغرب ويستعمل لتمرير المخدرات عبر حدوده الطويلة والشاسعة وذلك من خلال سعي شبكات إجرامية مختصة في نقل هذه المخدرات إلى أوربا، ويضاف إلى هذه العوامل الانفتاح الذي عرفته الجزائر في ظل التحول الاقتصادي والتأثر بالعولمة، ويبقى أن هناك حركة كبيرة للشباب الجزائري في الخارج وكذلك من خلال قدوم أبناء المهاجرين إلى الجزائر. أما فيما يتعلق بالعوامل الداخلية، فقد أكد سايح أن الجزائر تحولت من بلد عبور إلى بلد مستهلك، باعتبار أن هناك استعدادات لتعاطي المخدرات خاصة بعد مخلفات العشرية الدامية التي عصفت بالجزائر والتي خلفت نزوح كبير من الأرياف إلى المدن مما ساهم في بروز أحياء قصديرية ضخمة أصبحت بدورها معقلا لأصحاب المخدرات، ويرى المتحدث أن النمو الديمغرافي الكبير الذي عرفته الجزائر منذ الاستقلال والذي لم يرافقه نمو اقتصادي ساهم في انتشار ظاهرة استهلاك المخدرات، الأمر الذي ترتب عنه تدهور الأوضاع المقرونة بالأوضاع الاجتماعية، حيث أصبحنا في مواجهة البطالة ومختلف الآفات الاجتماعية وعلى رأسها المخدرات. وفي سياق متصل كشف سايح عن مقارنة إحصائية لنمو ظاهرة ترويج وتعاطي المخدرات، حيث أكد أن كمية المخدرات المحجوزة سنة 1994 بلغت590.1 طن وتم توقيف 3448 شخص متورط في تلك السنة، لترتفع كمية الحجز في سنة 2008 إلى 037.38 طن متبوعة بتوقيف 14685 شخص، ويبقى أن سنة 2009 سجلت بدورها ارتفاعا كبيرا للمحجوزات، حيث تم استرجاع 46 طن من المخدرات وهو الرقم الذي قال عنه سايح إنه مرشح ليتضاعف قبل نهاية العام الجاري أي يمكن ألا يتوقف عند حدود 80 طن. وفي حديثه عن المخدرات القوية التي عادة ما نجدها بقلة في الجزائر كالهروين والكوكايين، قال سايح إن هذا النوع يبقى وجهة أبناء المسؤولين الكبار أو الأغنياء لعدم إمكانية اقتنائها من طرف عامة الشباب بسبب تكلفتها الباهظة، معتبرا أن الطلب على المخدرات القوية عرف ارتفاعا كبيرا في السنوات الأخيرة خاصة في أوروبا، ومن ثم فإن المهربين يتركون القنب الهندي بالجزائر ويراهنون على تمرير الكوكايين والهيرويين إلى أوروبا لتباع بالعملة الصعبة، فيما يبيعون الكيف المعالج بالعملة المحلية ثم يحولون الأموال مرة أخرى إلى الأورو أو الدولار. وبحسب تقديرات مدير ديوان مكافحة المخدرات فقد تمكنت السلطات الجزائرية في سنة 2007 من حجز 22 كيلوغرام من المخدرات القوية، بينما تم حجز 5.1 كلغ منها سنة 2009، ناهيك عن الحاوية التي تم توقيفها سنة 2007 بإسبانيا والتي كانت تحمل كميات معتبرة من الكوكايين موجهة إلى بلدية المحمديةبالجزائر العاصمة وبالتحديد إلى أحد البارونات الذي تم توقيفه فيما بعد، كما تم حجز 3 حاويات في سنة 2008 محملة بثلاثة أطنان من الكوكايين في عرض السواحل السنغالية قادمة من البرازيل ومتوجهة نحو الجزائر. وعن قضية مراقبة الحدود أكد سايح أن أغلب عمليات التهريب المتعلقة بالمخدرات تتم في الحدود الغربية، في وقت يبقى فيه من الصعب مراقبة هذه الحدود التي تتميز بتضاريس صعبة وهي أغلبها حدود ترابية ليست بالسهلة، وبالمقابل أشار المدير العام للديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها إلى وجود نقاط مراقبة على مستوى الحدود، كما أن هناك عديد الآليات لدعم هذه المراقبة، فيما يعد مشكل مراقبة الحدود حجر الأساس لتطويق الظاهرة والمشكل لا يطرح بالنسبة للجزائر فقط، بل هو كذلك مشكل قائم في الولاياتالمتحدةالأمريكية في حدودها مع المكسيك ومطروح بقوة بالنسبة لبعض الدول الأوربية.