سجل بوتفليقة مرة أخرى أهدافا جديدة في منطقة القبائل. فبعد تجمعه الناجح بداية الأسبوع في مدينة بجاية، تمكن أول أمس من جمع الآلاف من سكان القبائل في التجمع الذي نشطه بمدينة تيزي وزو، حيث حضر التجمع أعيان المنطقة والآلاف من سكان الريف القبائلي، جاءوا بكثرة رغم خطاب المقاطعة الذي نشطه الزعماء السياسيون لمنطقة القبائل. فالحاضر يقصي الغائب، والحي أبقى من الميت، يقول المثل الشعبي، ومن المنطقي ألا يلبي سكان القبائل نداء المقاطعة الآتي من الخارج، من المنطقي ألا يتبعوا توجيهات الزعيم آيت احمد الذي فضل النضال من جنيف، التي اختارها منفى طوعيا له واستقر بها مقام عائلته بعد أن صفى أملاكه بالجزائر بما فيها فيلا "الغلسين" التي منحت له زمن حكومة حمروش وباعها بعشرات الملايير منذ مدة قليلة، حولت إلى حسابه بسويسرا. كما أنه من غير المنطقي ألا يتبعوا فرحات مهني الانفصالي الذي يطيب له هو الآخر المقام في فرنسا، التي يرسل منها دوريا بياناته العدائية لكل ما هو عربي على هذه الأرض ، في حين يواجه أبناء منطقة القبائل على غرار كل شباب الوطن، المشاكل نفسها: البطالة والحرفة وكل الأزمات التي تعرفها البلاد... بوتفليقة اعترف مرة أخرى بحق الأمازيغ في ممارسة هويتهم ولغتهم، وقال "كلنا أمازيغ"، وقد سحب بهذا القول البساط من تحت أقدام ممارسي السياسة بأساليب عرقية وعنصرية، وفوت بذلك على دعاة المقاطعة فرصة المساومة بملف اللغة الأمازيغية التي ليس من المستبعد أن ترقى إلى لغة رسمية في الدستور المقبل. ثم إن سكان منطقة القبائل استخلصوا الدرس من الثمن الغالي الذي دفعتهم إياه حركة العروش في السنوات الماضية. ففي الوقت الذي مستهم الأزمة في جيوبهم وفي قوت أبنائهم، خرج بعض من عناصر حركة المواطنة غانمين كاسبين بعد أن باعوا القضية التي سقط من أجلها أكثر من 150 شهيد، على حد تعبير بوتفليقة، في أحداث لم ينتصر فيها إلا بعض سماسرة السياسة، وخرجنا كلنا خاسرين.. عرب وأمازيغ. فمن الطبيعي أن ينتصر بوتفليقة اليوم في القبائل ويحشد الجموع، لأنه مس الجرح الذي أدمى المنطقة والجزائر كلها.