من مضحكات الصحافة والسياسة عندنا أنهما أصبحتا من عناوين الفساد في البلاد••! الصحافة أصبحت ساحة لعديد العناوين التي تتنافس فقط في مجال نشر أخبار الدم والهمّ•• وأخبار الجنس والدعارة مقرونة مع فتاوي الشيوخ والتائبين المنحرفين دينيا وسلوكيا••! زعماء الأحزاب التائبة في حزب واحد هو حزب السلطة يتنافسون مع زعماء الإرهاب التائبين••! يتنافسون على الصفحات الأولى للصحف••• الصحف التي ترى في الذي يقطع عضوه التناسلي في محكمة احتجاجا على عدم عدالة العدالة•• ترى فيه خبرا يساوي أو يفوق الخبر الكاذب الذي يمس بأمن الدولة بأكملها وهو امتلاك عناصر القاعدة في بلاد القبائل لأسلحة الدمار الشامل••! وهو الخبر الذي لفت نشره من طرف الحصف غير المسؤولة عما تكتب ! لفت اهتمام وكالة المخابرات الأمريكية••! إذ كيف يعقل أن القاعدة في بلاد الأفغان لا تحصل على أسلحة الدمار الشامل (الأسلحة الكيماوية) وفرعها في الجزائر يحصل على هذه الأسلحة••! الأصل لم يحصل على هذه الأسلحة والفرع يحصل عليها.. حسب ما تقول الصحف غير المهنية أنها حصلت عليه كخبر يمثل سبقا••! في سنة 1990 جرى نقاش صحفي بين الصحفيين المهنيين حول محتوى المادة التي وردت في قانون الإعلام، والتي تقول على الناشر أن يمتنع عن نشر أي خبر يمس بالمصالح العليا للدولة••! وكنت شخصيا من المعارضين لوجود هذه المادة في قانون الإعلام، وكنت مع الزملاء أطالب بأن تحدد ما هي هذه الأخبار التي تمس بالمصالح العليا للدولة•• وطالبت مع بعض الزملاء في المهنة أن تحدد بدقة هذه المصالح•• أين تبدأ وأين تنتهي• وكنا نرى وقتها في هذه المادة عملية مطاطة الهدف منها تحديد حرية الصحافة وحرية الصحفي والناشر ليس إلا••! لكن اليوم عندما نجد صحيفة أو صحفا تنشر خبرا كاذبا عن امتلاك القاعدة للسلاح الكيمياوي في الجزائر•• وهي فرع من قاعدة الأفغان التي لم تمتلك هذا السلاح•• ولا تحس هذه الصحف أنها تمس بأمن البلد•• فهذا يعني أن وجود مثل هذه المادة في القانون أكثر من ضرورة••! خاصة عندما نعرف أن الدولة الجزائرية بأكملها يحرم عليها امتلاك مثل هذه السلاح فكيف يمتلكه الإرهابيون في الغيران والكهوف••! المصيبة أن هذه الصحف استندت في نقل هذا الخبر الخطير إلى مزحة أطلقها شرطي في ولاية من ولايات الوطن••! وعندما اهتمت بها دوائر الأمن العالمي في المخابرات الأمريكية التي تسعى إلى بناء قاعدة في الجزائر لمكافحة الإرهاب••• عادت هذه الصحف إلى القول: إن الأمر لا يتعلق بامتلاك الإرهابيين لسلاح جرثومي بل الأمر يتعلق بوباء الطاعون الذي ضرب الإرهابيين في الغيران والكهوف والجبال••! ولمّا حذرت المنطقة العالمية للصحة من خطورة مثل هذا الخبر على الأمن الصحي لأوروبا •• قالوا إن الخبر أصلا لا أساس له من الصحة••! في 1993 استورد الجيش الوطني الشعبي في سياق مكافحة الإرهاب طائرات هيلوكوبتر تعمل بالأشعة الكاشفة للأجسام الحية لتمشيط الغابات والجبال والأحراش والكهوف بحثا عن الإرهابيين، ونشرت الصحف غير المسؤولة مهنيا آنذاك أخبارا تقول إن قنبلة وقعت في جبال الونشريس لتجمعات الإرهابيين وأن عدد القتلى قد يصل إلى 1200 شخص•• وأن الأمر قد يتعلق بعقد الإرهابيين لمؤتمر وطني••! وعندما تحركت هيئات حقوق الإنسان العالمية على وقع هذا الخبر المهول وفتحت تحقيقات، تبين أن الأمر يتعلق بتجمعات لمجموعات خنازير التي تنامت في الجبل بعد سحب الأسلحة من المواطنين بسبب الإرهاب••! وأن الأشعة ما فوق الحمراء تكشف الأجسام الحية ولا تفرق بين أجسام البشر وأجسام الخنازير••! سقت هذه الأمثلة للدلالة على أن التعامل مع الأخبار التي تمس أمن الدولة والمصلحة العليا للبلاد لا يمكن أن تبقى هكذا ساحة للمعتوهين إعلاميا وتجارالعنف والجنس والهف والإحتيال••! السياسة، كما الصحافة، ليست لعبة أطفال يمكن أن نمارسها بالمعتوهين والجهلة والهفافين•••! وصيادي الفرص••! السياسة كما الصحافة لابد لها من مهنيين يمارسونها بأخلاق وبمهنية••! هل يشرف السياسة والصحافة في الجزائر أن تتساوى إعلاميا دعاوى أحزاب التحالف إلى الإنتخاب مع دعاوى العبادة ؟! وهل تتشرف المعارضة بأن يدعو حملة السلاح والمارقون سياسيا وإعلاميا إلى المقاطعة؟! البلاد ليست في حاجة إلى إعادة صياغة سياسية فقط بل هي أيضا في حجة إلى إعادة صياغة إعلامية•• فالسياسة الهزيلة أصبحت هي المشكلة والصحافة الهزيلة واللامهنية أصبحت غذاء هذه المشكلة الدائمة ••! يا ناس هل يتشرف الرئيس بأن يدعو العيايدة إلى إعادة انتخابه••؟! وهل يحتاج الرئيس إلى شرعية يستمدها من التائبين كي يمارس مهامه؟! الأمور في البلاد مقلوبة ولا بد أن تصحح•• والتصحيح يبدأ من السياسة والإعلام أولا•• وأخيرا••!