كم عدد الشعراء الذين دخلوا خيمة النابغة الذبياني في زمن سوق عكاظ ولم يذكرهم لسان التأريخ ؟ أكيد أنهم كانوا أكثر كمّا بكثير، من عدد الشعراء الذين علقت أسماؤهم في أوراق الديوان العربي، فهل يمكن أن نعاتب نابغة بني ذبيان، على كرم خيمته وهوانها على الاستضافة••؟ هي فكرة راودتني وأنا أحدّق في أنف الشاعر اللبناني شوقي بزيغ - الضيف على خيمة العكاظية الجزائرية - وهو يحاول اختراق السماء، وشمّ أوكسجين الطبقة ''الفوق-عكاظية''، وكان لسانه يقول إنه لا يمكن لشاعر كبير مثله أن يقرأ شعرا في خضمّ المعمعة، دون حضور عِلية القوم وأسياد السوق، مهددا بشنّ حملة إعلامية ''مناهضة'' لإقصائه من الانفراد بالأضواء، وحرمانه من جلسة يسمع فيها صوت سيّد الخيمة وهو يصدح له ''أعطوه ألف دينار''•• قال لي صديق لاحظ الأنف معي: ''ماذا لو قامت أبسط جمعيّة فرنسية بدعوة شاعرنا اللبناني هذا، إلى أبسط تجمّع شعري في أبسط شارع باريسي في مدينة الجن والملائكة، هل سيبقى أنفه عالقا هكذا في السماء؟''، ضحكنا معا، ووجّهنا السؤال إلى صديق ثالث، فضّل أن يجيبنا على طريقته من خلال تذكيرنا بمشهد سجّلناه معا أثناء مأدبة عشاء على شرف بعض الشعراء المدعوين في العكاظية من طرف الديوان الوطني للثقافة والإعلام•• كان المشهد على بساطته موغلا في الكاريكاتورية، يمثّل صيدا ثمينا للتنكيت الجزائري ''الشعبوي'' (شاعر ضيف من بلد شقيق من الشمال الإفريقي يعاني الأمرّين مع سمكة جمبري، لم يفهم ماهية أكلها•• قلَبها في يديها دقائق معدودات، جسّ نبضها الساكن، وضعها••رفعها•• ثم استسلم لضيق السؤال••• وقال'' من أين تؤكل هذه••؟؟)•• كان شوقي بزيغ، مثله مثل الكثير من المشرقيين، ضيوف الجزائر الكريمة، على عكس الضيف الإفريقي، يعرف من أين تؤكل ''الكروفات'' الجزائرية، لذلك ظّل أنفه حتى رفع أوتاد الخيمة عالقا في السماء••