ها هو ''الفجر الثقافي'' يتأسس ويترسخ كملحق ثقافي جاد لا يمكن تجاوزه، يؤثث مشهدنا بمدونة جديدة أضافت إلى الحقل الثقافي والإعلامي الشيء الكثير، بما يزيده ثراء على ثراء وبهاء على بهاء، على الرغم من قصر التجربة التي لم يمر عليها وقت طويل•• لكنها تعدُّ بالتأكيد لبنة أخرى في صرح الثقافة الوطنية، وتعِد بفجر ثقافي قادم أكثر زخما وأكثر عطاء بكل ما هو جميل وخيّر وبنّاء• وسيزداد هذا ''الفجر'' بزوغا بكل ألوان الطيف الجميلة، حافلا بشتى الأفكار وصنوف الإبداع التي لا معنى للحياة بدونها، في ظل النية الصادقة للقائمين على جريدة ''الفجر'' وإرادة طاقمها الشاب المكون من شاب يملك رقة الشعراء وعناد الصحافيين وجرأتهم، ومن صحافيات يتقنّ جيدا أبجدية العمل الإعلامي ويمارسنه باحترافية الكبار، وقد أسميتهن وأنا أختبر جديتهن وسعة ثقافتهن ''فراشات الفجر'' التي تصنع ربيع صفحاتها الثقافية• وكنت شاهدا على تفانيهن وما يحملنه من غد واعد، ومستقبل مشرق أثناء فعاليات المهرجان الثاني للأدب وكتاب الشباب الذي جرت فعالياته ببلادنا في الفترة الأخيرة، ورأيت كيف كانت••• وأخواتها تنتقلن من ندوة إلى أخرى ومن كاتب إلى آخر من غير ما كلل أوتعب• وبهكذا طاقات لن تكون ''الفجر'' إلا في صدارة الصحف الوطنية التي تولي الثقافة ما تستحقه من تقدير، وما هي جديرة به من اهتمام • في سوقنا الإعلامي الذي أصبح يحكمه منطق التجارة والسوق والربح والخسارة، ما أصعب أن تخصص صفحات للثقافة، وأنت تدرك أنك لو خصصتها للإشهار فإنها ستدر عليك عائدات لا تحصى، لا تدرها عليك صفحات كثيرة تخصصها للثقافة والفكر• وما أسهل أن تضحي بصفحات الثقافة العميقة الخالدة لأجل الإشهار العابر والآني، على أهمية فعل الإشهار حين لا يكون على حساب ما هو قيمي وجمالي وثقافي• وبهذا المعنى فإن تجربة ''الفجر الثقافي'' هي اختيار شجاع وتجربة صعبة تستحق كل التثمين والتنويه لأنها تنم عن حس حضاري وإدراك عميق لدور الثقافة ووظيفتها التي أصبحت بموجبها بؤرة الصراع أو الحوار الذي يدور بين الأمم والحضارات• وهي في المحصلة جهد وطني لإثراء المشهد الإعلامي والثقافي، لا يمكن تجاهله أو التقليل من شأنه تحت أي مبرر، وليس لأحد أن يدعي بأن فراشته هي وحدها التي تصنع الربيع، أو أن ملحقه هو الأبقى والأرقى وما عداه جفاء وهراء• فمهما تعددت الملاحق الثقافية في الصحف الوطنية، وتنافس فيها المتنافسون، لأن الثقافة هي المعين الوحيد الذي لا ينفد أو يستنفد مهما غرفت منه الدلاء والقرب، وسنظل بحاجة إلى المزيد من الملاحق ، بل إنه من حق الثقافة والمثقفين على صحفنا التي تدعي الكبر أن تسارع في استصدار ملاحق ثقافية تكون في مستوى الغرور الذي أصابها، بدل أن تبقى فقط تمارس علينا إرهاب العناوين• هي دعوة إذن، أسمح لنفسي بتوجيهها إلى كل المثقفين والكتاب والمبدعين، الذين طالما عانوا من غياب الفضاءات والمنابر، لكي يلتفوا حلّ ''الفجر الثقافي''، كي يزيدوه ألقاً على ألقٍ، وإشراقا على إشراق، بعصارة أفكارهم وثمرات قرائحهم ومواهبهم• لأن ''الفجر الثقافي'' الصادق لا الكاذب، هو فجرهم جميعا، وشمسه حين تشرق لا تستثني أحدا• fr.hachimite5@yahoo