وأورغواي برئاسة اليساري تاباري فاسكيس زعيم "الجبهة اليسارية الموسعة" التي فازت أيضاً بالأغلبية في مجلس النواب والشيوخ، والجبهة الساندينية اليسارية الجذرية من جديد في نيكاراغوا برئاسة الصديق داينيل أورتيغا، وباراغواي على يد تيار يساري "الائتلاف الوطني من أجل التغيير" برئاسة رجل الدين مطران العاصمة اليساري الصديق فرناندو لوغو الذي ينتمي إلى تيار لاهوت التحرير في بلاده وأمريكا اللاتينية، والذي يشكل تياراً منحازاً للفقراء والثورات التحررية والتحولات الديمقراطية الاشتراكية نحو العدالة الاجتماعية، وضد اليمين الديني المحافظ في الكنيسة الكاثوليكية في بلاده وأمريكا اللاتينية••• والآن السفادور في أمريكا الوسطى "تنعطف يساراً" بعد عشرين سنة من حكم اليمين منذ انتهاء الحرب الأهلية 1980 - 1992، بين اليمين وجيشه وفرق الموت التي سلحتها الولاياتالمتحدة بمليارات الدولارات، وبين "جبهة فرابوندو مارتي للتحرر الوطني" اليسارية الماركسية، جبهة الفقراء والشعب المعذّب، فاز مرشح الجبهة الماركسي ماوريسيو فونيس (صحفي 49 سنة) بالانتخابات الرئاسية (15 مارس 2009)، كما فازت قبل ذلك جبهة فرابوندو مارتي بالانتخابات النيابية (يناير 2009)• وفي واشنطن، صرح الناطق باسم الخارجية الأمريكية روبرت وود: "نتطلع إلى العمل مع الحكومة الجديدة للسلفادور، كانت انتخابات حرة وديمقراطية ونزيهة جداً" (16 مارس 2009)• في كراكاس رحب تشافيز بفوز "الصحفي الشجاع ماوريسيو فونيس، الذي يرسخ موجة العمق التاريخي التي ظهرت في أمريكا اللاتينية والكاريبي خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين" (16 مارس 2009)• انتصرت قوى اليسار حين تلمست وانحازت هذه القيادات وبإحساس عميق ومدرك لبرامج ومشكلات جماهيرها واستجابت لها• الشعوب ذاتها تخلت أيضاً عن الأحزاب "اليسارية والليبرالية" التي لم تلتحق بها وببرنامجها، وتنضوي مع من استجاب لها، كضرورة لا بد من تحقيقها• ذات هذه المجتمعات اللاتينية، هي التي اكتوت بالنيوليبرالية المتوحشة منذ عقود السبعينيات، فصاغت نخبها الجماهيرية اليسارية بدائل للسياسات القديمة، مع حفاظها في الوقت نفسه على القيم الأساسية للمشروع اليساري الديمقراطي الثوري، وأهمها التركيز على الحاجات الأساسية للمجتمعات، على الجماهير العريضة في مجاليّ الحرية السياسية والعدالة الاجتماعية، معاً وسوياً• وكثير من هذا وقع في البرازيل بزعامة حزب الشغيلة برئاسة العامل اليساري لويس أناسيو دي سيلفا المعروف بلقب "لولا" رئيس البلاد، الذي أوقف وصفات البنك الدولي وبرامج النيوليبرالية التي قادت إلى انهيار الاقتصاد البرازيلي، والآن يحتل الاقتصاد البرازيلي الموقع التاسع في الاقتصاد العالمي، جامعاً بين قطاع الدولة والقطاع الخاص والتحولات المتسارعة نحو العدالة الاجتماعية• في الأرجنتين فاز اليسار البيروني بالرئاسة بزعامة نستور كير تشنير الذي أوقف العمل بوصفات البنك الدولي التي أدت إلى انهيار الاقتصاد الأرجنتيني، وجمّد ديون صندوق النقد الدولي، ونهض باقتصاد المجتمع والدولة وشبكة الضمانات الاجتماعية، وعام 2008 فاز اليسار البيروني من جديد برئاسة كريستينا كير تشنير• أليس هذا نقد ذاتي جريء وعملي ورشيد لبعض التيارات والأحزاب الماركسية واليسارية الاشتراكية والاتجاهات الانتهازية اليمينية في صفوفها، ودرس بليغ ديمقراطي اشتراكي لليساريين والليبراليين في بلاد العرب، ويعبر عن ضرورة في بلادنا العربية والعالم الثالث، سواء في مرحلة التحرر الوطني، أو مرحلة ما بعد الاستقلال عن الأجنبي، وبما يجيب على تحولات العصر والنظام العالمي الجديد وبالقطب الواحد•