وأخرى غربية، الشلف، الجلفة، عين الدفلى، وحتى من الجنوب الجزائري، مفضّلين شواطئ العاصمة وتحديدا الغربية منها، التي تدر عليهم ربحا وفيرا مقارنة بالشواطئ الأخرى، يبيعون المأكولات والمشروبات والألعاب ليلا ونهارا، يستعملون وسائل عدّة لاستمالة الزبائن، بذكر أبطال المسلسلات التركية ''مهند'' و''لميس''••• حتى أن بعض العمال في الشواطئ يبيتون في العراء• يتوافد الكثير من الجزائريين على الشواطئ هروبا من حرارة الشمس، في حين يشد آخرون الرحال إلى الشواطئ طلبا للعمل والمال، ليتغير البرنامج، بين من يعمل طيلة السنة ويجعل الصيف فترة عطلة وراحة، وبين البطالين ومحدودي الدخل حيث يعتبر صيفهم فترة رزقهم، في منطق تحدده الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، رغم الرخاء المالي• هم شباب في مقتبل العمر، دفعتهم الأوضاع المزرية والبطالة في ولاياتهم إلى الانتقال إلى مناطق أخرى تتمتع بحيز أفضل من حيث فرص عمل، يقصدون العاصمة وتحديدا غربها، للإقبال الكبير على شواطئها خاصة من أصحاب المال• يروي لنا ''الياس'' 27 سنة كيف قدم من عنابة إلى شاطئ النخيل، غرب العاصمة، قضى 6 سنوات في الحماية المدنية بشواطئ عنابة، جاء مرة إلى العاصمة لمشاهدة إحدى مباريات المنتخب الوطني لكرة القدم، جذبته حركة البيع والشراء النشطة وما تدر على أصحابها من الربح الكبير، وشجعه في ذلك أحد معارفه العامل بالعاصمة الذي نصحه بالعمل في شاطئ النخيل، حيث أصبح يبيع فيه، منذ عامين، المياه المعدنية وزيوت ومراهم الحماية من الشمس نهارا والألعاب الضوئية ليلا• ولما سألنا الباعة عن سرّ اختيارهم لشاطئ النخيل والشاطئ الأزرق، أجابوا أنّهما يستقطبان زوّارا كُثر، بالإضافة إلى تواجد الكثير من أصحاب ''الشكارة'' الذين لا يبالون بشراء المبيعات حتى ولو كانت باهضة الثمن، عكس بقية الشواطئ مثل سيدي فرج وزرالدة التي جربها الباعة، لكن بيعهم لم يسر بالشكل المطلوب، واللافت للانتباه أنّ أبناء المنطقة، ممن كانوا بالأمس باعة متجولين، تخلوا عن هذه المهنة واشتغلوا في نقاط كراء الشمسيات ومواقف السيارات، ليترك المجال لأبناء ولايات عنابة، جيجل، ميلة، الجلفة، الشلف، عين الدفلة، المدية، تيبازة، وولايات الجنوب خاصة من تيميمون، أدرار، المشتهرون ببيع الشاي• أكشاك متنقّلة •••''مهند ولميس'' حاضران ••• وغش وتغرير ••• يبيعون كل شيء من مياه معدنية، حلويات، مكسرات، سجائر، جرائد، شاي، مراهم الحماية من الشمس••• بعضهم ''أكشاك متنقلة'' يستعملون طرقا وأساليب مختلفة لجلب الزبائن، وتصفية مبيعاتهم سريعا، بالاستعانة بأبطال المسلسلات التركية ''لميس ومهند''•• فتجد أحد الباعة يردد ''كاوكاو مهند وشاي لميس''، وآخر يقول ''يا بنات مهند مات وخلى أربع بنات'' لشد انتباه عاشقات مهند الكثر• أما آخرون فيلجأون إلى الرقص، تتحول فيه الرمال إلى خشبة لعروض فتية، ما يثير إعجاب الحاضرين بالشاطئ، كأحد شباب أدرار الذي يرقص لزبائنه لبيع أكبر عدد من أكواب الشاي، فيما يقوم البعض بالتغرير بالزبائن خاصة من باعة الشاي، الذين يلبسون اللباس الصحراوي (العمامة والفندورة)، على أنهم أبناء الصحراء المعروفين بشايهم الأصيل المُعد بطريقة خاصة، ويصيحون ''شاي بوسعادة'' وفي الواقع هو العكس تماما• هؤلاء الباعة لا يكتفون بالبيع نهارا فقط بل حتى ليلا، أين تتوفر الإضاءة في الشواطئ، حيث يبيعون عادة الشاي والفول السوداني إضافة إلى الألعاب الضوئية• عبد الحكيم ورفاقه الستة الآتون من ولاية جيجل الساحلية (تتراوح أعمارهم بين 17 و30 سنة)، يبيعون ''لي بينييه'' نهارا والألعاب الضوئية ليلا، يبيتون ويحضّرون الحلويات في إحدى المنازل بالمنطقة على أن يتقاسم معهم صاحب المنزل الربح، بعد أن اتفقوا على ذلك• حتى النخبة المثقفة تبيع بالشاطئ•• وآخرون يبيتون في العراء! البيع بالتجوال ليس حكرا على ذوي المستوى التعليمي الضعيف أو المتوسط، بل حتى الجامعيين واصحاب الشهادات والأساتذة ومديري المؤسسات التربوية، هذه النخبة التي اتخذت من شواطئ غرب العاصمة مكانا لكسب العيش للبعض، وزيادة للدخل الزهيد للبعض الآخر، مثل مدير مدرسة ابتدائية بالشلف، الذي يبيع الشاي بشاطئ النخيل، وأستاذ بابتدائية من خميس مليانة مالك محل صغير بنفس الشاطئ (يعمل به منذ 10 سنوات)، والذي يقوم بتحضير حلويات ''لي بينييه'' على أن يتكفل ببيعها مجموعة من الشباب من عين الدفلى من الجامعيين• كحالة (ش•م) 24 سنة متخرج هذا العام، تخصص المحاسبة، قدم من خميس مليانة، يعمل بشاطئ النخيل منذ ثلاث سنوات، حيث سبق له أن عمل بشاطئ عين طاية، شرق العاصمة، وشواطئ دواودة، لكن لم يجن نفس الربح الذي يجنيه بالشاطئ الحالي، وحالة أحد الشباب من الشلف الذي يبيع الجرائد، يدرس السنة الرابعة، تخصص لغة ألمانية بجامعة وهران، وعديد الجامعيين الدارسين لتخصصات مختلفة لا يسعنا المقام لذكرها كلّها• ويبقى الإشكال القائم بالنسبة للبائعين المتجوّلين، هو مكان المبيت، فبعضهم يبيت عند أقاربه القاطنين بالمنطقة ممن أسعفهم الحظ، مثل إبراهيم 17 سنة يبيع المياه المعدنية منذ 5 سنوات، فيما يضطر البعض إلى المبيت في العراء، هذا ما يقع مع مجموعة من الشباب من ولاية الشلف، الذين يبيتون على الكرتون أمام محطة نقل المسافرين، البعض يبيت بالشاطئ على الرمال، معرضين للرطوبة ومختلف الأخطار•