أعطى رئيس الجمهورية تعليمات صارمة إلى وزير التجارة الهاشمي جعبوب، لتنظيم السوق ووضع حد للمضاربة التي تضر بالمواطن مباشرة، وتتكرر مظاهرها خاصة مع كل شهر رمضان، ورفض الرئيس رفضا قاطعا تبرير جنون الأسعار بحرية السوق، خاصة وأن الظاهرة تمردت على وعيد وتهديد وزارة الفلاحة والأجهزة الرقابية المحدودة لوزارة التجارة وكذا تطمينات اتحاد التجار، كما أنها تطال كل المواد واسعة الاستهلاك، وما تعرفه مواد البناء من إسمنت وحديد إلا عينة صارخة من ذلك• وأكد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، أنه لن يقبل في المستقبل التذرع بأية قاعدة لحرية التجارة لتبرير ضعف قدرة الدولة على فرض ممارسات تجارية نزيهة، وعجزها عن قمع ممارسات المضاربة المضرة بالمواطنين• وحتى ينزع الرئيس حجة نقص الإمكانيات المادية والبشرية، رخص للوزير توفير الوسائل والآليات المناسبة التي تمكن القطاع من القضاء على المضاربة التي تتكرر من حين إلى آخر، وتمس جميع المواد، إلا أنها تظهر بشدة خلال شهر رمضان، وبشكل خطير، على أن تلتزم بتحمل مسؤولياتها كاملة واسترجاع مقاليد التحكم في الأوضاع• وحمل الرئيس أطرافا أخرى جانبا من مسؤولية غلاء أسعار المواد الأساسية كل شهر رمضان، مثل أئمة المساجد والفلاحين، حيث دعا الأئمة إلى تنشيط عمليات تحسيس وإرشاد وتوجيه وتوعية المواطنين والمنتجين الفلاحين والمربين على حد سواء• وطالب الرئيس الفلاحين والمنتجين ب''رفع إنتاجهم والمساهمة أكثر في تموين السكان بأسعار عادلة، بما في ذلك عن طريق اقتحام مجالي الضبط والتوزيع، وهذا نظير المساعدات التي تمنحها الدولة لهم''، وهي ذات الملاحظة والمراقبة التي أبداها وزير التضامن الوطني جمال ولد عباس، حين معاينته لسوق جوارية ببئر مراد رايس على هامش زيارته لمطاعم الرحمة، حيث استغرب ارتفاع الأسعار وندرة السلع في وقت تلقى الفلاحون كل أنواع الدعم، أهمها مسح ديونهم• ويذكر أنه رغم الوعود التي تقدمها وزارتا التجارة والفلاحة مع حلول شهر رمضان من كل عام، بالتحكم في الأسعار وتوفير المنتوج و تنويعه، إلا أن سقف الأسعار يقفز بشكل جنوني ومفاجئ خلال هذا الشهر، وتفلت كل مرة من قبضتها آلة المضاربين، حيث لم يظهر أثر لتدابير وزارة الفلاحة الاحتياطية المتعلقة بتخزين المواد الغذائية واسعة الاستهلاك واللحوم تحسبا لمواجهة أية ندرة في رمضان، ومن ثمة ارتفاع الأسعار، والتي بلغت حد توقيع اتفاقيات مع مؤسسات تخزين وتوزيع مع تحديد الأسعار، في حين بدت وزارة التجارة غير مهتمة هذه المرة بالسوق، إذ لم يصدر عنها أي بيان حول إجراءات المراقبة، على حد علمنا، باستثناء تصريحات تفيد بأن الأسعار ستعود إلى حالها بداية من الأسبوع الثاني من رمضان، والإشارة إلى تخفيض بعض المؤسسات لأسعار منتوجاتها في إطار المنافسة، إلى جانب التأكيد على توفير مخزون معتبر من المواد الغذائية يغطي مدة شهرين كاملين• من جهته يعجز اتحاد التجار الجزائريين كل مرة عن التحكم في أعضائه وجعلهم يحترمون هوامش الربح المعتدلة، والدليل على ذلك هو الارتفاع المسجل في الأسعار التي كشف عنها قبل حلول شهر رمضان، وتلك التي تسوق بها المنتجات، وعلى سبيل المثال وصل سعر الكليوغرام الواحد من الدجاج إلى 320 دج، اللحوم الحمراء 900 دج، الليمون 500 دج، و''القرعة'' إلى 90 دج، الطماطم إلى 80 دج، وهذا رغم تزامن شهر رمضان وفصل الجني• ولا تتوقف آلة المضاربين عند هذا الحد، بل تتجه إلى ميادين أخرى، كالبناء مثلا، إذ وصل سعر كيس الإسمنت يتراوح بين 600 و700 دج، بينما سعره العادي لا يتجاوز ال300 دج، ولا يزال كذلك رغم الحديث عن استيراد مليون طن، التي لم يظهر لها أي أثر إلى حد الآن، وتهديدات وزارة التجارة التي سارعت إلى الإعلان عن سلم لهوامش الربح وفي كل أنواع الأسمنت، كما عاد سعر الحديد إلى الارتفاع وانتقل مؤخرا من معدل 4400 دج إلى 5500 دج للقنطار، رغم أن سوق الحديد الموجه للبناء كان من المفترض أن يعرف وفرة بسبب معدل الإنتاج الذي يوفره مجمع ''أرسيلو ميتال'' بعنابة، لا سيما وأن الطلب على تصدير هذه المادة نحو الخارج قد تقلص آليا بسبب تداعيات الأزمة العالمية المالية•