لم تجد الكثير من العائلات المقيمة بنواحي عديدة بأحياء ولاية وهران خاصة بالبنايات القصديرية ما تجده لسد رمقها بعد صيام يوم كامل إلا قطعة خبز والحليب للإفطار، بعدما عجز هاته الأخيرة عن توفير وجبة غذائية ساخنة نتيجة الحرمان وحالة الفقر المذقع التي تعيشه، كما هول حال سكان ''الموالة'' ببلدية سيدي الشحمي بحي شطيبو وسكان دوار الشوربة، وغيرها من الأحياء التي اتسعت بها رقعة الفقر وبلغت ذورتها، في الوقت الذي خرجت فيه عائلات أخرى إلى الشارع تمد يدها لكسب قوتها مما يتبرع به المحسنين، بحيث لا يخلو شارع من شوارع وهران منذ مقدم شهر رمضان، من المتسولين من مختلف الأعمار يجلسون في الشوارع وآخرين يجوبون المحلات ومحطات النقل وحتى داخل الحافلات والأماكن العمومية طلبا للصدقة• وقالت في السياق ذاته إحدى المتوسلات (47 سنة) أم لطفلتين ''لجأت للتسول لأحصل على قوت أبنائي بدل أن أمتهن مهنة أخرى وأخرج عن التقاليد والدين الإسلامي، وبحثت طويلا عن منصب عمل إلا أنني لم أجد، حتى منظفة لم أحصل عليها ولم يكن هناك اختيار آخر إلا التسول لأوفر لأبنائي لقمة العيش خاصة أن زوجي توفي بعد إصابته بمرض عضال وحاليا أنا مسؤولة على الأطفال رغم أن مستقبلهم في ظل الظروف المأساوية التي يعيشونها يبقى مجهولا''• وأردف أحد المتسولين الذي كان يجلس بالقرب من محطة الحافلات الرئيسية بشارع ''فاليرو'' بوسط المدينة أنه مباشرة بعد تسريحه من العمل ''لم أجد عملا آخر أقوم به إلا التسول والظرف صعب والتسول اليوم لم يعد ظاهرة غريبة وإنما تولدت نتيجة التغييرات التي طرأت على المجتمع في ظل الغلاء الكبير للمعيشة التي أثقلت كاهل العديد من المواطنين الذين وجدوا أنفسهم مرغمين على التسول بدل الانحراف والخروج عن الدوائر المعروفة، التي باتت تخلّف يوميا شبابا يتعاطى المخدرات ويحترف السرقة''• فيما طلب متسول آخر (ع ص) 62 سنة بضرورة تكفل الدولة بالفئات الهشة من المجتمع الذين لا يمتلكون تقاعدا والذين يعيشون على الهامش ولا يجدون بابا يسترزقون منه إلا التسول لتوفير ثمن الدواء، مضيفا ''أنا لا أريد البقاء في الشارع لكن للظروف أحكامها في غياب تكفل بفئة المعوزين، حيث كان للدولة أن تأخذ على عاتقها مسؤولية الفئات المحرومة بصورة ملموسة وليس بالشعارات، لأن الواقع يثبت ويفنّد كل الادعاءات، والتي حوّلت معظم شوارع وأحياء ومدن الولايات إلى فضاءات للتسول والاسترزاق فيها، ولكل واحد منهم همومه الخاصة، وبالرغم من عمليات جمع فئات المتسولة التي يتم وضعها في ديار الرحمة في غياب التكفل الحقيقي بها والتي تعد على الأصبع حسب تصريحات العديد من المتسولين خاصة جانب الرعاية الصحية والأكل، فإنهم سرعان ما يغادرون المكان نحو الشارع الذي يبقى أحسن مكان لهم•