أوضح زغماتي، خلال ندوة صحفية نشطها أول أمس على هامش مراسم افتتاح السنة القضائية لمجلس قضاء العاصمة، أن القواعد القانونية لمحاكم الجنايات ''أظهرت محدوديتها وعدم انسجامها الكامل ومتطلبات حقوق الدفاع وحقوق الإنسان''، وهذا ما أدى بوزارة العدل كما قال إلى ''التفكير'' في إعادة النظر في هذه المحاكم التي اعتبرها ''جهات قضائية خطيرة وحساسة في آن واحد''· ومن بين النقاط السلبية، التي لفت إليها النائب العام، انعدام الحق في التقاضي على درجتين والمكفول في أغلب القوانين، بينما المحاكم الجنائية في الجزائر ''لا تسبب الأحكام بل تصدر الأحكام على أساس ما يسمى بالاقتناع الشخصي، وهذا يمنع المتهم من تلقي محاكمة ثانية، بل لديه الحق فقط في الطعن أمام المحكمة العليا، التي هي محكمة قانون ولا تنظر في الوقائع بل في مدى سلامة تطبيق القانون فحسب· وفي ذات السياق، أوضح رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، مصطفى بوشاشي، أن أغلب الدول لجأت إلى التقاضي على درجتين من أجل منح القضاة حق مراجعة الحكم، على غرار القانون الفرنسي الذي استلهمت منه أغلب القوانين الجزائرية، وأشار بوشاشي أمس في اتصال مع ''الفجر'' إلى أن حق التقاضي على درجتين حق دستوري، ويجب مراجعة تنظيم المحاكم الجنائية في الجزائر من أجل الحفاظ على حقوق الدفاع وحقوق الإنسان على حد سواء، وعن هذه النقطة، قال النائب العام إن مراجعة التنظيم ستجبر القضاة على تسبيب الحكم، أي السماح للمتهم بالتقاضي على درجة ثانية سعيا إلى إقرار حقوق الدفاع· كما تحدث مصطفى بوشاشي عن تشكيلة المحاكم الجنائية في الجزائر، والتي تتمثل في ثلاث قضاة وعضوين محلفين، بينما يفترض أن يغلب على التشكيلة الأعضاء المحلفين كونها محكمة شعبية في الأصل، مثلما هو معمول به في الدول الأجنبية· بالمقابل، قال النائب العام، في حديثه عن تشكيلة المحكمة الجنائية، إن مراجعة تنظيمها ستلغي الأعضاء المحلفين وتقتصر على القضاة المحترفين· ولخص بوشاشي قوله بأن هناك خللا في التشريع الجنائي يتطلب تداركا وإعادة نظر· وهو ما تعكف عليه حاليا وزارة العدل، حسب تصريحات النائب العام، ولكن يبدو أن إصلاح المحاكم الجنائية تعطل، إذ لم يشرع في التفكير فيه إلا بعد عشر سنوات من إطلاق مشروع إصلاح العدالة، رغم أن هذه المحاكم تدرس مئات الآلاف من القضايا سنويا، في انتظار الإعلان عن تطبيق تنظيم جديد للمحاكم الجنائية يسمح باستدراك الأخطاء الأولى والتوصل إلى أحكام أفضل نوعية مع منح المتقاضين جميع حقوقهم في الدفاع، ومنه ترقية حقوق الإنسان في أهم الهيئات الدستورية، وقد وصفها النائب العام لمجلس قضاء الجزائر ''جهات قضائية خطيرة وحساسة في آن واحد''·