وقد أثبتت الصحف الجزائرية مثلا، ومنها ''الفجر''، قدرتها على أداء رسالتها باقتدار رغم فارق الانتشار والثقل الذي يميز وسائل الإعلام المصرية بما لها من إمكانات وتقاليد وتاريخ ممتد من الممارسة الإعلامية• ونجحت صحفنا في التصدي لحربها الباردة أيما انتصار، بما يشكّل سابقة في انتصار الكلمة المكتوبة على الصورة الفضائية، في عصر يقال فيه بأن الغلبة للصورة، وأن قوتها لا تقهر• من جانب آخر، ساهمت كل الفئات الأخرى، حتى تلك التي كانت مهمشة، ويخيّل إلى الجميع بأنها طاقات معطلة وغير ذات أهمية، في هذا الإنجاز الوطني، وكشفت عن حسّ وطني وعن مقدرات واستعداد للالتفاف حول ما هو وطني وبنّاء، إذا أتيحت لها نفس ظروف التعبئة والصدق والثقة• إن أهم ما يجب أن نستخلصه من هذا الدرس المصري، هو أن قدراتنا الذاتية هي ما يجب أن يكون مناط اهتمامنا ومحل رهاننا، على أكثر من صعيد، سواء في الاقتصاد أو السياسة أو الثقافة، لأننا كما رأينا قد نكون عرضة للحصار والمقاطعة في أية لحظة، ومن أي كان، حتى من أقرب الإخوة، ممن كنا ندّخرهم للشدائد، فإذا بهم يعيروننا بما قدموه لنا من مساعدات، يمكن أن يقدمها الأجانب قبل الأقارب، ويقاسموننا معجزات صنعناها بأيدينا ودمائنا دون فضل لأحد• وبلا شك، فإن المقاطعة المصرية الثقافية والفنية منها تحديدا، ليست بالأهمية التي حاول أن يصورها المصريون، لكنها أثبتت أنها أحد الأسلحة الفتّاكة التي لا يجب إغفال دورها، وكنا سنجد أنفسنا في موقف محرج لو كانت بنفس الأهمية التي تكلموا عنها، أو لم تكن أمامنا بدائل أخرى عربية في السينما والمسرح• حتى وإن كنت أميل إلى القول بأن الحديث عن البدائل العربية الأخرى، التي دعا إليها البعض، هي رد فعل سريع، وبدلا من ذلك علينا أن نفكر في إنتاج فننا وخبزنا بأيدينا وبعبقرية أبناء الجزائر دون سواهم•• الأمر الثاني الذي يجب أن نتعلمه هو أن المعجزة الجزائرية أمر ممكن بل أمر سهل التحقيق لو صدقت النيات وشحذت العزائم والهمم مثل ما وقع مع هذه الوثبة الكروية• وعلينا كساسة مخططين لمستقبل الأمة، ومثقفين ومنتجين للأفكار أن نفكر في كيفية تحويل هذه ''الهمم المناسباتية '' التي سرعان ما تفتر وتعود إلى سابق ركودها وعطالتها، إلى رؤية استراتيجية بعيدة المدى، لا ترتبط بظرف أو حالة، بل مستمرة في الزمان والنفوس• ونعيد للعقل الجزائري قيمته، التي فقدها لحساب أشياء أخرى ونثمّنه حق تثمينه الذي يليق به كأساس لبناء الحضارة المنشودة• fr• Hachimite5@yahoo