منذ أيام اشتكى لي زميل ب''الفجر'' أنه مضطر للسفر إلى الخارج للعلاج، لأن الطبيب الذي يعالجه والمختص في المرض الذي يعاني منه هاجر إلى أوروبا، ولم يعد هناك أي طبيب في الجزائر في هذا الاختصاص•تذكرت هذا وأنا أقرأ اليوم في صحيفة ''الخبر'' الوطنية أن معهد باستور يستنجد بالفرنسيين لاختبار اللقاح الخاص بأنفلونزا الخنازير، وهذا بعد موجة الهلع التي عمت البلاد بعد نشر صحيفة خبرا كاذبا عن تجريب اللقاح على فئران أدى إلى موتها• لا أدري السبب الحقيقي لاستنجاد معهد باستور بالخبراء الفرنسيين الذي ليس مستبعدا أن يرسل ضمن بعثته إلى الجزائر خبراء جزائريين، درسوا بالجامعات الجزائرية، واضطروا إلى الهجرة إلى فرنسا وإلى باقي بلدان أوربا بعد أن سدت في وجوههم سبل الحياة في الجزائر• فمنذ العشرية السوداء وقطاع الصحة يعرف نزيفا غير مسبوق في الأطباء، حتى أن المستشفيات الفرنسية يسيّرها طاقم أطباء %40 من أعضائه جزائريون أثبتوا تفوقا على نظرائهم الفرنسيين، ونفس الشيء بكندا وغيرها، والبروفيسور زرهوني الذي يدير المعهد القومي للصحة بأمريكا يعد أهم نموذج يحتذى به• من الواضح أن معهد باستور يعاني هذه الأيام نفس المعاناة التي واجهها زميلنا بالفجر، الذي هو مضطر للذهاب إلى الخارج للحاق بطبيبه الذي تابعه من سنوات، لكنه هاجر بعد أن ضاقت به سبل العيش والعمل في الجزائر، رغم أن اختصاصه نادر• هذا المشكل الذي يطرحه معهد باستور الذي يستقطب الأضواء هذه الأيام بسبب الأنفلونزا اللعينة، يطرح مسألة أساسية على طاولة الحكومة لا بد من علاجها وأخذها على محمل الجد، وهي المنظومة الصحية الجزائرية التي ما زالت تسجل تقهقرا كبيرا في الكم والكيف، ومسألة أخرى هي هجرة الكفاءات الوطنية وبحث كيفية الحد من هذا النزيف الذي استقطب كل الطاقات الإيجابية سواء في قطاع الصحة أو القطاعات الأخرى، لأننا لو عملنا على وضع سياسة صحية متوازنة تقدر قيمة الإطار الطبي حق قدره، لما كنا اليوم نضطر إلى الاستعانة بالخارج، ولما وجدت سيدة مثل جميلة بوحيرد نفسها مجبرة على نشر الغسيل على حبال الصحافة في القضية التي أثارتها مؤخرا، ولكنا أيضا قلصنا من فاتورة العلاج بالخارج التي لسوء حظ المواطن البسيط لا يستفيد منها إلا ذوي النفوذ•