الاستعمار مجرم وإعادة بناء نظرية التعامل معه قبل سنّ قانون تجريم الاستعمار ينبغي أن تقوم على المصلحة العليا للأمة جدّد الشيخ عبد الله جاب الله تأكيده أن تعثر مشروع لمّ الشمل بينه وبين حركة النهضة يعود إلى تراجع قيادة النهضة عن بعض بنود القانون الأساسي، وليس بسبب تحديد مستقبل موقعه في هذا المشروع• وقال إن الأمر جعله يفكر لاحقا في بديل يعلن عنه• كما أبرز الشيخ في هذا الحوار الذي خصّ به ''الفجر'' موافقته على إقرار عفو شامل، مستدلا بأنه كان من أوائل المنادين به وحمله في برامجه الانتخابية السابقة، كما انتقد التقارير الغربية التي تستهدف الجزائر بين الحين والآخر، وهي التقارير التي قال بأنها محاولة للضغط على النظام بهدف توسيع المجال أكثر أمام حملات التبشير والعولمة• وعن رأيه في مساعي البرلمان لسنّ قانون تجريم الاستعمار، أوضح بأنه يجب على النُّخب الاقتناع بأن الاستعمار مجرم، وإعادة بناء نظرية التعامل معه قبل سنّ القانون كخطوة هامة قبل سن هذا القانون• أين وصل مشروع المبادرة السياسية التي وعدتم بالكشف عنها أواخر ديسمبر الجاري؟ البديل السياسي يجري التحضير له، ويحتاج إلى إجراء استشارة واسعة بشأنه مع إطارات الحركة ومناضليها عبر جميع ربوع الوطن، وذلك لتحديد طبيعته، هل هو سياسي دعوي مفتوح على كامل أبناء الأمة، أو مغلق على التيار الإسلامي؟ فالاستشارة جارية، وسنرى أثناء انعقاد مجلس الشورى، اليوم السبت، النتيجة، ومن خلالها سنحسم في الأمر• هل المبادرة هي نفسها المشروع الذي تحدثتم عنه قبيل الانتخابات الرئاسية الأخيرة؟ المبادرة السياسية التي تكلمت عنها أكثر من مرة أكبر وأشمل من هذا، فهي تهدف إلى لمّ شمل كل أبناء الأمة المؤمنة بالتغيير السلمي، سواء من أبناء التيار الوطني أو من أبناء التيار الإسلامي، انطلاقا من مبدإ أن التغيير مسؤولية كل الأمة، ورسمنا لهذا المشروع استراتيجية دقيقة تقوم على ثلاث مراحل، الأولى محاولة جمع أبناء النهضة التاريخية ليكونوا قاعدة ارتكاز لتنفيذ هذا المشروع، المرحلة الثانية جمع أبناء التيار الإسلامي، أما الثالثة فهي جمع كل أبناء الأمة، لكن حصل فشل المسعى في المرحلة الأولى، لذلك قرر مجلس الشورى التأسيس لبديل آخر، وريثما نؤسّس هذا البديل ونضع هياكله يمكن أن نفكر في العودة إلى هذا المشروع• هل لديكم مؤشرات عن ضمانات كافية لاعتماد هذا البديل، في وقت تنتظر فيه الكثير من الجمعيات والأحزاب اعتمادها؟ البديل الذي نفكر فيه هو بديل نضالي للصلاح والإصلاح، وإذا كان بهذه الصورة فهو ليس بباعث انتخابي، بل باعث نضالي، لذلك فهو لا يلتفت كثيرا إلى الاعتماد• صحيح يهمه الاعتماد لأنه يريد النضال والعمل في شفافية ووضوح وفي العلن، لكن إذا حُجب عنه الاعتماد مرحليا فلا يثنينا عن الاستمرار في النضال إلى حين تغيير الأوضاع، ودوام الحال من المحال• تردد أنكم في اتصال مع نشطاء حركة الدعوة والتغيير المنشقة عن حركة مجتمع السلم وجبهة القوى الاشتراكية لإقناعها بالسير معكم في هذا البديل• ما صحة ذلك؟ هذه معلومات غير دقيقة• لماذا تعثر لمّ الشمل مع حركة النهضة في منعرجه الأخير• هل هو بسبب القانون الأساسي للمبادرة أم تحديد مستقبل موقعكم من هياكلها؟ اتفقت اللجنة التي تأسست لمشروع لمّ الشمل مع النهضة على كل ملفات موضوع لمّ الشمل، لكن لما رفع التقرير إلى قيادة النهضة حصل تراجع عن بعض الملفات ذات الصلة بالقانون الأساسي وليس لها أية صلة بموقعي منها، وهو الموضوع الذي لم يناقش مطلقا، وظل على ما هو عليه في القانون الأساسي لحركة النهضة• روّج مؤخرا بأن الشيخ عبد الله جاب الله نادم على عدم خوضه معترك رئاسيات أفريل ,2009 ما مدى صحة الأمر؟ هذا غير صحيح• هناك من يعتقد أنه لم يعد هناك مبرر لوجود أحزاب إسلامية بالجزائر، لاسيما في ظل الصراع والانشقاق الحاصل داخلها، هل توافقون هذا الطرح؟ يجب النظر في الموضوع بعينين وليس بعين واحدة، فما تعرفه الأحزاب الأخرى من انشقاقات وتساقط وصراع هو أكبر ما تعرفه الأحزاب الإسلامية، فضعفنا اليوم هو أن الإعلام ليس في أيدينا ولا يخدم توجهاتنا• وعلى هذا النحو، فإن الإعلام يضخّم المسائل إذا كانت في صفوف الإسلاميين ويغض النظر إذا كانت في التيارات الأخرى• هناك حديث يجري اليوم بالبرلمان عن إيداع مقترح قانون يجرّم الاستعمار، ألا ترون أن الوقت مناسب، تزامنا مع مناورات فرنسا الاستعمارية التي تخرج في كل مرة بإجراءات تسعى لتمجيد جرائمها، ما هي النقاط والاستراتيجية التي يجب أن يعتمدها هذا القانون في نظركم؟ الاستعمار في حد ذاته مجرم لفظا، والتاريخ أيضا يجرّم المستعمر الذي مارس كل أنواع الظلم، من تقتيل وتعذيب وانتهاك للحرمات، فالعبرة ليس في استصدار قانون تجريم الاستعمار، بل في قناعات النُّخب• فالسؤال الذي من الضروري أن يسبق هذا القانون هو: هل نخبنا مقتنعة بأن الاستعمار مجرم؟ كما يجب إعادة بناء نظرية التعامل مع بلد الاستعمار على أسس وقواعد سليمة تتعلق بمصالح الأمة الجزائرية، وهي المسائل الجوهرية التي ينبغي لفت النظر إليها قبل إصدار القانون• تعتزم السلطة مراجعة قانون الأحزاب والجمعيات، وقانون البلدية والولاية، كيف تنظرون إلى الأمر، خاصة وأن هناك أحزابا فاعلة تريد ممارسة رسالتها الدستورية، وأخرى مجهرية ومناسباتية هدفها البحث عن الريع؟ هذا الكلام قيل أكثر من مرة، فليراجعوا قانون الأحزاب والجمعيات، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هو على أي أساس تتم هذه المراجعة، هل بغرض توسيع المجال السياسي أو ترسيم الغلق القائم حاليا؟ والرد سنعرفه يوم يوضع هذا القانون للنقاش• هاجمت مؤخرا العديد من المنظمات الغربية، خاصة الأمريكية منها، الجزائر، وبالخصوص اتهامها بالتضييق على الحريات الدينية، انطلاقا من انتقاد قانون ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين، في حين تدير ظهرها لما يتعلق الأمر بمسلمي أوربا، وما يعانيه الشعب الفلسطيني، فما هي نظرتكم للأمر؟ تهدف هذه التقارير بالدرجة الأولى إلى الضغط على النظام من أجل فتح المجال بشكل أكبر لدعاة التبشير والعولمة، بالإضافة إلى دعاة الفساد، فهم لا يقصدون بتقاريرهم هذه خدمة الحريات الفردية أو الجماعية أو الديمقراطية، بل العكس، فقد ساهموا في خنق الحريات في العالم العربي والإسلامي، والدليل على ذلك ما يحدث حاليا في فلسطين والضغوط التي تمارسها إسرائيل على الحكومة الفلسطينية وحركة حماس، وما جرى من قبل هنا بالجزائر شاهد على نوايا مثل هذه المنظمات أيضا، فهم لا يهتمون بالحريات والديمقراطية إذا تعلّق الأمر بالعالم العربي والإسلامي، بل يزايدون في توسيع المجال أمام حملات التبشير والدعوات التي أشرت إليها• خرجت مؤخرا العديد من الأصوات تنادي الرئيس بوتفليقة بترقية مشروع المصالحة الوطنية إلى عفو شامل، فهل تتوقعون الوصول إلى هذا الهدف، وهل تؤيدون هذه الأصوات؟ كنت من الأوائل الذين رافعوا لصالح ترقية المصالحة إلى عفو شامل، ونادوا به طيلة سنوات الأزمة، وحملناه في كل برامجنا الانتخابية، منها البرنامج السياسي الذي خضت به الانتخابات الرئاسية في ,2004 فعليه نحن لا نرفض كل من يمد يده لهذا العفو• عشتم كغيركم من الجزائريين وقع الحملة المصرية القذرة التي استهدفت الجزائر، شعبا ودولة وتاريخا، فما تقديركم لما حدث بسبب مباراة في كرة قدم؟ ما حدث وللأسف الشديد من الأخطار الكبيرة التي ارتكبها جانب من النُّخبة المصرية، خاصة الإعلامية والفنية وبعض الفئات السياسية، وهم بهذه السلوكيات عبّروا عن انحطاط حضاري يعيشونه اليوم•