وزراء الجزائر لا يعرفون شيئا عن ملفات الفساد التي تقع في وزاراتهم·· حدث هذا مع وزير الأشغال العمومية·· وحدث من قبل مع وزير النقل ووزير المالية في موضوع الخليفة·· ويحدث اليوم مع وزير الطاقة في قضية سوناطراك·· وحدث الأمر نفسه مع وزير الفلاحة في موضوع شركة الاحتياطات الفلاحية··! وإذا كان الأمر فعلا كذلك·· والوزراء لا يعرفون شيئا عن الفساد في هذه الوزارات، فلماذا يقول الناس إن الاقتصاد الجزائري يعاني من المركزية والتسيير الإداري الحاد·· والحال أن الوزراء لا يعرفون شيئا مما يحدث من تسيير في المؤسسات التي يمارسون عليها الوصاية؟! نعم، من المنطق أن السارق لا يمكن أن يبلغ الوزير بسرقاته··! لكن المنطق أيضا يقول إن مهمة الوزير أن لا يترك السارق يسرق وهو لا يعلم؟! وإذا حدث ذلك، فالوزير مسؤول عن السرقة ليس بجريمة السرقة بل بتهمة ترك الناس تسرق وهو لا يعلم·· والمفروض أن المسؤولية تحتم عليه أن يعلم··! وإذا لم يعلم بما يحدث فهو مقصر··! الملاحظة أن كل الاتهامات بالفساد التي وجهت في السنوات الأخيرة لإطارات في المالية والنقل والفلاحة والأشغال العمومية والبريد والمواصلات والطاقة كان دائما وزراء هذه القطاعات يقولون إنهم لا علم لهم بما حدث ويحدث·· فمن يا ترى اكتشف هذه الأمور إذا لم تكن الأدوات التي يفترض أن الوزير يراقب بها الأداء داخل وزارته والقطاعات التابعة له؟! وهل العجز الحكومي الذي لاحظناه في السنوات الماضية في مواجهة الإرهاب قد تحول الآن إلى عجز حكومي في مواجهة الفساد؟! هل أصبح الفساد يتداول على السلطة مع الإرهاب؟! أم أن قوة ضرب الفساد من طرف الدولة بهذه الشفافية هو بداية حرب على الفساد تشنها الدولة بعد أن قربت من الانتهاء من مسألة الإرهاب؟! وأن هذا علامة قوة وليس علامة تفكك كما يظهر الآن؟! المفارقة الغريبة هي أن سجون الجزائر تتم عملية تحديثها لتصبح أكثر إنسانية ربما لأن نزلاءها سيكونون من نوعية علية القوم··! لقد كانت السجون في عهد الاستعمار مدارس سياسية تخرج منها في الوطنية أمثال مصالي الحاج وبوضياف ومصطفى بن بو العيد وبن مهيدي وبن بلة وعبان وكريم··! وكانت السجون في عهد الاستقلال والحزب الواحد مدارس أيضا للنضال السياسي·· ومنها تخرج الدكتور سعيد سعدي وتخرج منها نحناح ولويزة حنون وآيت أحمد·· وكانت التهم التي توجه لهؤلاء هي المساس بأمن الدولة وليس سرقة أموال الدولة··! أما اليوم فالسجون تعج بالمتهمين بالمساس بخزينة الدولة الذين وجهت لهم تهم رشى يرشي وسرق يسرق··! فهل تكون سجون الغد في الجزائر مدارس لتخرج دفعات السراق؟! تماما مثلما كانت سجون الاستعمار وسجون الاستقلال مدارس لتخرج الوطنيين·· ثم تحولت إلى مدارس لمكافحة ظلم نظام الجزائر المستقلة؟! لسنا ندري·· لكن تشييد أكبر سجن في منطقة القبائل له دلالة سوسيوبوليتيكية لها ما بعدها تماما مثلما كان تشييد سجن لامبيز في عهد الاستعمار له دلالة وطنية··!