بوعمران: “نحن في حاجة إلى نظرة عميقة تتجاوز مظاهر التطرف” حذر الباحث في علوم الدين من جامعة مونريال الكندية، باتريس برودر، من استغلال الحجاب لأغراض سياسية وإديولوجية، ترمي في نهاية المطاف إلى تحقيق أمور نفعية لا صلة لها بالدين، داعيًا المجتمعات الغربية إلى خلق تصور من أجل حماية الأجيال الصاعدة من هذا الاستغلال. وتطرق المحاضر، أول أمس، في ندوة فكرية نظمت بمقر سفارة كندا بالجزائر، تحت عنوان “المرأة في الإسلام” بمناسبة اليوم العالمي للمرأة إلى تناول الغرب لصورة المرأة المحجبة والتأويلات التي تلي تلك الطريقة. كما انتقد تناول الإعلام الغربي لصورة المرأة المحجبة وتقديمها في صدر صفحاتها على أساس أنها خطر على المجتمع. وعرض المحاضر التجربة الكندية في التعامل مع المرأة المسلمة أو بالأحرى “المتحجبة” مقارنة بنظيرتها في المجتمعات المسلمة. وقال إن الفرق جد واضح، حيث ترتدي المرأة المسلمة المقيمة بالغرب الحجاب عن قناعة فكرية وروحية كاملة، عكس المرأة المحجبة التي تقيم بالمجتمعات المسلمة، حيث لا يكون الحجاب دائمًا مقياسًا للإيمان والتشبع بأفكار دينية، وإنما يرجع في أغلب الأحيان إلى تقليد اجتماعي، ثم اعتقاد ديني وأخيرا التزام لضغط أو فرض ارتدائه. وتناول الباحث باتريس برودر، الجانب النظري في القرآن، حيث شرح ورود كلمة “حجاب” بمعان مختلفة من خلال استعمال كلمة “خمورهن”، “ثيابهن” و”جلاببهن”، ليقول في النهاية إن الإجماع حول كلمة حجاب جاء في السنة والأحاديث النبوية. وبعد أن استعرض النموذج الإيراني المتعلق بالحجاب، قال إن المرأة الإيرانية تفوقت عن الرجل في مجال العمل الحقيقي في العديد من المجالات، وأشار إلى أن الإحصائيات تشير إلى أن 50 بالمائة من النساء الإيرانيات مسؤولات بشكل حقيقي وينافسن الرجل في تدبر شؤون حياتهن اليومية والأسرية. وأوصى المحاضر المجتمعات الغربية بضرورة تغيير نظرتها للحجاب والإسلام، من خلال خلق معاهد علمية متخصصة في تناول مثل هذه الأمور حتى لا تقع في الخطإ. وأشار في هذا الصدد إلى أن الحكومة الكندية أدركت أهمية هذا الرهان، وأنشأت جامعة علمية متخصصة في شؤون الديانات؛ حيث تقوم اللجان العلمية بالمشاركة في إعداد الكتب المدرسية، وتختار العبارات المناسبة للتعبير عن الحجاب، أي أن لا تقدمه للتلميذ على أساس أنه شيء خطير أو رمز لتعصب أو ما شابه ذلك، بل تستحق مثلاً عبارة “فولار” لتلاميذ الطور الابتدائي و”برقع” أو “حجاب” لتلاميذ الطور الثانوي. وبرر حرص الحكومة الكندية على هذا الأمر بعدد الجالية المسلمة المقيمة بكندا، وأهمية استقرار المجتمع الكندي مستقبلاً في ظل وجود تنوع في الديانات السماوية، حيث تنسجم تلك المجتمعات في ظل حوار الديانات وتقبل كل طرف للآخر دون عنف أو عصبية. من جهته، ثمن رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، الشيخ بوعمران، محاضرة الأستاذ باتريس برودر، وقال إن المجتمعات الغربية في حاجة إلى مثل هذه الأعمال التي تذهب إلى عمق الأشياء ولا تتناول الإسلام من خلال ممارسات التطرف الديني الصادر عن البعض أو الحجاب فقط.