أدى فائض الإنتاج المحقق في الموسم الفلاحي السابق المقدر بستة ملايين طن من القمح الصلب، إلى دخول وزارة الفلاحة والتنمية الريفية في حالة استنفار نتيجة تخوفها من كساد المنتوج بمخازن الديوان المهني للحبوب، بسبب تفضيل أصحاب المطاحن استيراد القمح الصلب على اقتنائه من الديوان الجزائر تحقق الاكتفاء الذاتي في الحبوب لأول مرة منذ أربعين سنة لكثرة الشوائب وسوء النوعية مقارنة بالمنتوج المستورد الذي انخفضت أسعاره بالبورصة العالمية. ومن جهة أخرى، يطمح الديوان الوطني للحبوب لأول مرة منذ 40 سنة إلى تصدير فائض إنتاج الشعير يقدر ب 300 ألف طن واستبداله بالقمح اللين لتعويض نقص إنتاج تلك المادة. دفع التخوف من كساد الحبوب المخزنة لدى الديوان بوزير الفلاحة والتنمية الريفية، رشيد بن عيسى، أول أمس، إلى عقد اجتماع الأول من نوع حضره جميع فاعلي القطاع، حيث دعا أصحاب المطاحن لتقديم احتياجاتهم من القمح الصلب إلى الديوان الوطني المهني للحبوب قبل نهاية شهر مارس، بغرض تسويقه قبل وصول الإنتاج الجديد. وأوضح الوزير أن هذا الإجراء سيسمح بتسيير المخزونات الموجودة والتحضير للموسم المقبل، مضيفا أنه ينبغي تسويق مخزون الديوان المقدرة بحوالي 6 ملايين قنطار، قبل شهر أوت المقبل للتمكن من تحرير فضاءات التخزين للإنتاج الجديد. وأعرب الوزير عن أمله في أن يقوم المحولون باقتناء كمية تتراوح ما بين 1 إلى 1.2 مليون قنطار شهريا، للتوصل إلى التخلص من المخزون بعد انسحاب العديد منهم من اقتناء حاجياتهم من الديوان الوطني المهني للحبوب، واللجوء إلى استيراد القمح الصلب بعد انخفاض أسعاره في السوق العالمية، ما أدى إلى تراجع كبير لمبيعات الديوان التي انخفضت إلى اقل من 600 ألف قنطار مقابل 7.1 مليون قنطار من قبل، ليلجأ مسؤولو الديوان إلى توجيه تحذير للرافضين اقتناء سلعته بمنعهم عنها مستقبلا عند ارتفاع أسعارها في الأسواق الخارجية. وإلى جانب هذه الآلية التي لجأ إليها الديوان للتخلص من مخزون القمح الصلب، تم إنشاء المجلس المهني للحبوب الذي سيمثل مختلف الفاعلين في القطاع ليكون فضاء للتفاوض والتشاور بين المعنيين انطلاقا من الإنتاج إلى الاستهلاك مرورا بالتحويل والنقل. وفي السياق ذاته، أكد بن عيسى على أهمية هذا الفضاء لمناقشة المشاكل التي يتلقاها المتعاملون في أحد القطاعات الإستراتيجية للبلاد، مشيرا إلى أن الهدف من هذه اللجنة هو تكييف مصالح جميع الأطراف في إطار شراكة عمومية وخاصة، وفي إطار من الالتزام وتحمل المسؤولية، لتحسين نوعية الإنتاج الوطني وتطويره وحمايته وإذا اقتضى الأمر الانتظام من أجل التصدير أو الاستيراد، مطالبا المحولين بتقاسم مصالح الدفاع عن الإنتاج الوطني، مستشهدا بكندا التي تقرر فيها جمعية المهنيين إمكانيات استيراد وتصدير الحبوب. من جهته، أعلن رئيس منتدى رؤساء المؤسسات، رضا حمياني، أن المحولين مستعدون لشراء فائض مخزون القمح لدى الديوان الوطني المهني للحبوب، إذا ما حسن هذا الأخير معالجته لهذه المنتوجات، قائلا :”نحن مستعدون للتفاوض حتى نحاول في الجانبين، (الديوان الوطني المهني للحبوب و المحولون)، دراسة الجهود اللازم بذلها وسنتوصل إلى حل مع الديوان الذي عليه هو أيضا بذل جهود من جانب النوعية”. وأوضح حمياني أن المحولين لجأوا خلال السنوات الأخيرة إلى الاستيراد بسبب المعالجة السيئة للقمح من طرف الديوان الوطني المهني للحبوب الذي يعرض حسبه قمحا “رديء النوعية ولا يستجيب لتطورات السوق ونمط استهلاك الجزائريين”. وأضاف المتحدث أن الكميات التي يزود بها الديوان المحولين لا تمثل سوى 50 بالمائة من حاجياتهم، ولا تسمح باستخدام أفضل لأداة الإنتاج لأنه يتم تغطية 5 أيام فقط من الإنتاج، في حين أن أصحاب المطاحن يحتاجون لكميات كافية لتشغيل مصانعهم طيلة أيام الأسبوع، كما وصف نتائج الاجتماع مع الوزارة بالإيجابية، كون مختلف الأطراف اتفقت على تأسيس لجنة مهنية مشتركة للحبوب تضم المنتجين والمحولين والديوان الوطني المهني للحبوب، لإيجاد حل لمشكل التخزين ويتعلق الأمر بتفعيل هذه اللجنة التي كانت موجودة سنة 2002 ، مضيفا أن المستجد يكمن اليوم في مشاركة القطاع الخاص. وبخصوص مادة الشعير، قال الوزير إنه تم اقتراح وضع وحدات لتخزين هذه المادة على مستوى ولايات أقصى الجنوب التي لا تصل إليها هذه المادة، وفتح نقاط على مستوى المناطق السهبية لدراسة إمكانية التصدير، حيث أعطى تعليمة تقضي بضرورة وجود مراكز للتخزين بشكل دائم. للتذكير، فإن الجزائر حققت الاكتفاء الذاتي فيما يخص القمح الصلب والشعير منذ 2009 حيث خفضت صادراتها من القمح الصلب بنسبة 80 بالمائة مقارنة بالتسعينيات عندما كانت تستورد 2 مليون طن سنويا مقابل 400 ألف طن في 2009.