تجد الكثير من الفتيات أنفسهن، بمجرد الإقبال على الزواج، في مشكلة “الربط” والتي عادة ما تتم عند بلوغ الفتاة، حيث تقوم بعض العائلات، بحجة الحفاظ على عذرية البنت، بربطها، في الوقت الذي يعتبره مختصون في الدين ضربا من ضروب السحر والشعوذة قالت الحاجة (ح. ت) إنها قامت ب”ربط” حفيدتها للمحافظة على شرفها، مشيرة إلى أن “هذه الظاهرة انتشرت خاصة خلال العشرية السوداء التي مرت بها الجزائر، حيث كانت الفتيات أكبر المتضررات منها، لأنهن كنّ يتعرضن للإختطاف والإغتصاب من قبل الخارجين عن القانون”. وعن كيفية إجراء عملية الربط، قالت المتحدثة إنه يتم تجريد الفتاة من لباسها، ونزع أي دبابيس من شعرها، ويوضع على الفتاة ستار أبيض، ثم يتم قراءة بعض التعويذات.. لتتم عملية الربط. وأشارت المتحدثة أنه من بين إيجابيات هذه العملية أنها تمنع فقدان عذرية الفتاة، مشيرة إلى أن هناك أدوات مختلفة تستخدم عند ربط الفتاة، منها قفل أو شفرة حلاقة أو مفتاح أو رأس كبش “بوزلوف”. وأوضحت الحاجة (ح. ت) أن إبطال ربط الفتاة يتم يوما قبل زفافها بالأدوات المذكورة سالفا، ويتم معها فتح مجموعة من الفتيات الراغبات في ذلك بمجرد إخراج أداة فتح الربط، لأنه لا يتم إخراجها دون وجود عروس لفتح ربطها. ومن بين الحالات التي تحدثت “الفجر” إليهن، الآنسة (و. م) تبلغ من العمر 24 سنة، من الفتيات اللاتي خضعن لعملية “الربط” من طرف الجدة. وأشارت المتحدثة إلى أن جدتها قامت بربط بعض البنات في العائلة اللاتي وصلن سن البلوغ، “فحتى وإن تم الإعتداء عليهن لن تخسرن على الأقل عذريتهن”. وأضافت المتحدثة أنها سمعت خُطبة لإمام ذكر فيها أن الفتاة التي تكون مربوطة وتصل سن ال25 ولا يتم فك رباطها، تصبح “أسيرة الربيط”، والأخطر من ذلك تصبح أسيرة لجن، والذي يمنعها من إتمام زواجها مع أي شخص كان، وأن هذا العمل يدخل في مجال السحر والشعوذة. وأضافت أنه على الرغم من كل تلك الأحكام، إن كانت صحيحة أم لا، فإن كل الأئمة يتفقون على أن هذا الفعل يدخل في إطار الشعوذة والسحر. رب ضارة نافعة! من جهة أخرى، تحدثت “الفجر” إلى إحدى الفتيات التي عانت الأمرّين، حيث تم اختطافها (ن. ع) خلال العشرية السوداء، واغتصابها من طرف المختطفين إلا أنها بقيت عذراء، ليتفطن أحدهم إلى إمكانية أن تكون خضعت ل”الربيط” في صغرها ما عرّضها لشتى أنواع التعذيب، حسب إحدى قريباتها. وهيبة فلفل مختصون في الدين يؤكدون “الربط” يفتح باب الممارسات غير الشرعية أمام الفتاة قال مفتش التوجيه الديني، الإمام بجادي عثمان، إن ربط الفتاة خوفا من العار أو الإغتصاب أو الفجور، نوعا من أنواع الذرائع المحرمة والتي قد توقع في الرذائل، والتي لها صلة بعالم السحر والشعوذة والخرافات. وأضاف المتحدث أن ذلك الفعل يخالف الأصل والطبيعة التي خلق الله عليها المرأة “فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله”، والذي خلقها أرشدها وأرشد الأسرة والمجتمع إلى مناهج تربية النفس والوقاية البيئية، ومناهج العقاب والتعزيز في حق المعتدي، ومناهج التوبة والإنابة للمخطئ. وأكد الإمام بجادي: “من السفاهة والحمق والغباء أن ندعي تحقيق الطهارة بربط البنت، ونحصر سحر الربط الجنسي في الأنثى دون الذكر”، مشيرا إلى أنه هنا يطرح السؤال لما لا يربط الفتى خوفا من العار والفجور إذا كنا ندعي الحماية. وأكد أنه إن كان الربط يحمي من الإغتصاب فلماذا لا يربط الذكر أمام الإغتصاب من الشواذ جنسيا، باعتبار أن ذلك منتشر في المجتمع، وهل يقف الربط أمام الإحصاءات الواقعية التي تسجلها الجزائر في سجل الإغتصاب وارتكاب الفاحشة؟!. وأوضح المتحدث أنه في حالة نجاح الربط - بإذن الله تعالى - امتحانا لعباده، يترتب على ذلك أضرار ما يجعله غير مرغوب فيه، حيث عند الزواج تكون المرأة في وضع غير طبيعي لا يسمح لها بالإتصال الجنسي الناجح مع زوجها، مشيرا إلى أنه قد لا يحل ذلك الربط وقد تُصاب المرأة ببرودة جنسية. كما أن الفتاة المربوطة يفتح لها باب الممارسات غير الشرعية لعلمها أن الولوج مستحيل!، مؤكدا أن بشاعة الربط تكمن في الوسائل المستعملة فيه ربطا وحلا بتنوعها. ودعا الإمام بجادي كافة الأشخاص إلى تجنب أساليب الربط الحرام، واستعمال وسائل الربط الحلال والمتمثلة في التربية الوقائية للرجال والنساء على حد سواء، وإشاعة الثقافة الجنسية المستقيمة في ظل الآداب، بالإضافة إلى اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء، خصوصا الأذكار التي تحفظ الإنسان من أذى الإنس والجن. من جهته، قال المختص في الأمور الدينية وقضايا الإسلام، الأستاذ عبد الكريم ليشاني، إن كثيرا من الناس، من الجنسين، يعاني أنواعا مختلفة من الإضطرابات المتنوعة والتي لم يجدوا لها سببا عضويا، مشيرا إلى أنه كثيرا ما تسبب هذه الإضطرابات فشلا في العلاقة الزوجية، وهو ما يؤدي إلى الطلاق أو النزاع بين الزوجين، وكثير من هؤلاء يداخله توهم الإصابة بالسحر “الربط”، مما يُلجئ الكثير منهم إلى مراجعة المعالجين بالرقية طلبا لعلاج هذه المشكلة. وأضاف أستاذ الشريعة، عبد الكريم، أن علماء الإسلام يتفقون مع أساتذة الطب في نفي قدرة الساحر على أذى أحد أو ضرره، واصفين إياهم بأنهم لصوص لا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا، مضيفا أنه يستغلون جهل الناس وسذاجتهم، حيث أن المقصود من ذلك التفرقة بين الزوجين في قوله تعالى:”فيتعلمون منهما ما يفرّقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله”. وقال المتحدث إن ذلك لا يمكن أن يحدث، لأن ليس لديهم القدرة على التفرقة الفعلية، إلا أن حدوثها عن طريق الإيهام النفسي، مشيرا إلى أن الساحر يحاول عن طريق أعوانه أن ينشر بين الناس قدرته على التفرقة بين الزوجين. وأضاف المتحدث: “بما أن الناس لا يفهمون دينهم فهما صحيحا يبث الخوف والرهبة في قلوبهم، فيصدقونه عن طريق تأثرهم نفسيا”، مشيرا إلى أن الذين يفهمون دينهم فهما صحيحا لا يفلح كيد الساحر معهم. وهيبة فلفل 800 دج للحفاظ على الشرف لهذه الأسباب تلجأ الأمهات للربط تعدى ربط الفتيات، عند بلوغهن سنا معينة، كونه تقليدا عائليا تقوم به بعض العائلات بحجة الحفاظ على عذرية الفتاة إلى يوم زفافها.. إلى جعله موردا للرزق. قمنا بجولة استطلاعية إلى واحدة من مناطق العاصمة المعروفة بانتشار “الرابطات”، وبالتحديد في المكان المسمى “المرجة” ببلدية براقي، ولم يكلفنا البحث عن إحداهن أزيد من نصف يوم، كون شهرة هذه المرأة كانت قد تعدت حدود بلدية براقي. اضطررت أنا ومرافقتي للبحث عن حيلة للولوج إلى بيت تلك السيدة، دون أن نكشف عن هويتنا الحقيقية، خاصة أن ملامح الجدية تبدو على محيا رفيقتي، لإقناع المرأة أنني متزوجة ولديّ صبية وأرغب في ربطها. ونحن في غمرة تفكيرنا في خطة الإحتيال على هذه السيدة، توقفت سيارة من آخر طراز ، تحمل ترقيم 38، لتنزل منها سيدة برفقة فتاة صغيرة لم يتجاوز سنها ال11 سنة، سألتنا إن كنا قد جئنا إلى زيارة خالتي حليمة كما نادتها، أجبناها بنعم، ثم أطلقت علينا وابلا من الأسئلة التي لم نكن نعرف الإجابة على الكثير منها، لكنها حمّستنا على الدخول معها. بمجرد أن دخلنا القاعة التقينا بخالتي حليمة، التي تزاول مهنة الربط منذ أمد بعيد وهي عجوز في السبعين من العمر، اتخذت من الربط مهنة للإسترزاق، حسبما أكده لنا بعض النسوة اللواتي وجدناهن هناك، الذين جئن برفقة فلذات أكبادهن للقيام بهذه العملية. كانت القاعة تحتضن حوالي عشرين امرأة، اقتربنا من إحداهن وسألناها عن سبب تواجدها في المكان، فقالت لنا إن أختها تعرضت لأبشع عملية اغتصاب ولا تريد أن تلقى ابنتها ذات المصير، وعلقت قائلة: “الناس الشرفاء انقرضوا، إلا من رحم ربي، وأريد أن أنام مطمئنة على صغيرتي”. وأضافت.. “قفل صغير وعلبة خشبية صغيرة، وتعويذة تلقيها خالتي حليمة، كفيل بوضع ابنتي في منأى عن فضيحة كبيرة قد تتعرض لها في المستقبل الذي لا يرحم”. دخلنا عند حليمة، التي بمجرد أن رأتنا دون طفلة صغيرة بدأت تشك في أمرنا، لذا بادرت بسؤالنا بلهجتها التي توحي بأنها قادمة من ولاية جيجل”ماذا تريدون؟ وبم أخدمكم؟ و......؟”، قالت مرافقتي دون أي مقدمات:” أريد أن أخضع ابنتي لعملية ربط..سمعت بأنك الأفضل..”، أضفتُ أنا قائلة: “لكن المشكلة أنها غير مقتنعة بهذه العملية.. لذلك جئنا لزيارتك اليوم على أن نحضر الفتاة في المرة القادمة..”. ابتسمت العجوز ابتسامة مكراء وقالت “لا خوف على العملية..إنها بسيطة جداً.. والدليل هذا الكم الكبير من العائلات الذي يتزايد كل يوم.. أنا أقوم بهذه المهنة منذ سنوات طويلة تمتد إلى أزيد من 25 سنة..”. سألتها”هل هذه العملية مضمونة وناجحة؟ ردت بدهاء أربكني وجعلني أسرع في طرح الأسئلة لمغادرة المكان “تسألين كثيرا كالصحافيين.. لكن لا عليك فهذا نابع من حرصك على ابنة أختك..”، وأضافت “بإمكانك أن تسألي الجيران فأنا معروفة في المنطقة منذ سنوات وأغلب البنات قمت بربطهن، وهي ناجحة ومضمونة”. قبل أن نغادر القاعة سألتها هل بإمكانك أن تخبريني كيف تتم العملية، أجابتني “على الفتاة أن تستلقي على الأرض وأقوم أنا بوضع العلبة الخشبية ومعها تعويذات مكتوبة.. ثم أقوم أنا بتخطيها سبع مرات متمتمة بتعويذة، وعند الدورة السابعة أقول “غلقت الكادنة أي القفل”، ثم تقول الفتاة بعدي “اتربطت”، أمرر بعد ذلك “سيار” على الفتاة من رأسها إلى أخمص قدميها وأغلق القفل، وهكذا تنتهي عملية الربط”. وتضيف المتحدثة أن العملية ككل لا تتجاوز نصف ساعة من الزمن، وبهذا يعجز أي رجل من معاشرة هذه الفتاة تحت أي ظرف. قلت لها وماذا إن أرادت الفتاة الزواج عندما تكبر؟ قالت: “أقول لوالدة الطفلة التعويذات التي يجب أن تقولها قبل أن تقوم بفتح القفل الذي تأخذه معها ثم تمرر “السيار” مرة أخرى على الفتاة، وهكذا يستطيع الرجل معاشرة الفتاة دون أي حاجز”. غادرنا خالتي حليمة كما يلقبها البعض، ونحن نحمل في داخلنا أملاً بغد أفضل لبنات الجزائر. معاشرة “المربوطة” أشعر الإرهابيين بالعجز غير بعيد عن وجهتنا الأولى، تنقلنا إلى حي الجيلالي ببن طلحة بذات البلدية، حيث كانت جدرانه وشوارعه شاهدة على أبشع مجزرة ارتكبت في حق أبناء الجزائر وبناتها اللواتي ذهبن ضحية غطرسة قتلة لا يحملون أدنى ذرة من الرحمة. ولازال العديد من الأشخاص يتذكرون بحسرة ومرارة ما حدث في العشرية السوداء لبنات الجزائر اللواتي تم اختطافهن ووقع على أجسادهن أبشع جريمة يمكن أن تتعرض لها أي امرأة. التقينا هناك بخالتي عائشة التي لازالت رغم كل ما حدث في المنطقة في أواخر التسعينيات. وروت لنا عمّا حدث لبعض البنات اللواتي كنّ يقطن مع أسرهن في حي الجيلالي، خاصة الفتيات اللواتي كانت أمهاتهن قد قامت بربطهن. وقالت إن بعض الإرهابيين هجموا على هذا الحي وأخذوا الفتيات كسبايا لهن، لكنهم عجزوا عن اغتصابهن لذلك قاموا باستخدام أدوات حادة، من أجل إثبات رجولتهن أمام باقي أفراد الجماعات الإرهابية التي ينتمون إليها، قبل أن يقوموا بعد ذلك بتقطيعهن إربا وإلقاء جثتهن هامدة في بئر حوش الطافيل بالمنطقة، الذي ظّل لأشهر يستقبل أجساد الصبايا المغتصبات، ومن هذا المنطلق تؤكد عيشة أن عجز الإرهابيين عن اغتصاب هؤلاء الفتيات هو خير دليل على فاعلية الربط. أثناء العشرية السوداء أقر بعض الشيوخ مشروعية ربط البنات لحمايتهن من الإغتصاب من طرف الجماعات الإرهابية التي كانت تنشط بقوة في المناطق النائية التي كانت تتعرض لمداهمة الإرهابيين، والذين كانوا يقومون باختطاف الفتيات من أجل المتعة وإقامة علاقات خاصة معهن بأبشع الطرق.