حسني عبيدي: وصف حالة العلاقات بالحرب الصامتة وقودها قانون تجريم الاستعمار ورهبان تبحيرين أكد الوزير السابق، عبد القادر بن قرينة، أن العلاقات الجزائرية الفرنسية مرتبطة بالماضي وبالتاريخ الطويل ولا يستطيع أحد الطرفين أن يتخلى عن هذه العلاقة، باعتبارهما مرتبطين اقتصاديا واجتماعيا. وأوضح بن قرينة أن التوتر الحاصل في الوقت الحالي سببه اقتصادي على خلفية قانون الاستثمار الجديد، ودبلوماسي على خلفية الغزل الجزائري الأمريكي ومدى التنسيق المعلوماتي بين البلدين في الحرب على الإرهاب، وآخر أمني يتصل بصفقة إطلاق الرهينة الفرنسي لدى تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي مقابل إطلاق الإرهابيين من جهة، وغضب فرنسا من عدم إشراك دول الساحل والصحراء في اجتماعهم الأمني للمغرب، بالإضافة إلى البرودة التي يعيشها اتحاد دول المتوسط الذي اقترحه الرئيس ساركوزي، عوامل ساهمت في توتر العلاقات بين البلدين. وأضاف الوزير السابق، في تصريحات ل “قدس برس” أمس، أن إثارة قضية الرهبان الفرنسيين، رغم أن الدبلوماسية الفرنسية قالت كلمتها فيها منذ زمن بعيد، ليس إلا جزءا من سياسة الضغط التي تمارسها فرنسا لتليين موقف الجزائر في القضايا ذات الصلة بالمصالح الفرنسية في المنطقة، وقال “لا أعتقد أن هذه الخلافات قادرة على إقدام أحد الطرفين على اتخاذ خطوة أبعد من ذلك، بالنظر إلى ما يحكم العلاقات بينهما من تشابك. لكن ستظل الحساسيات بين البلدين مستمرة”، موضحا أن الجزائر تريد لعب دور محوري في المنطقة من دون أن يكون ذلك نتيجة املاءات خارجية، بالاعتماد على الإمكانيات الكبيرة التي تؤهلها لهذا الدور، غير أن استمرار تعامل فرنسا مع الدول الإفريقية كمستعمرات وليس كدول ذات سيادة، يجعل من العلاقات بين الطرفين متعثرة، و”تظهر فيها هذه النتوءات بين الفينة والأخرى”، حسب تعبيره. من جهة أخرى، أكد مدير مركز دراسات المتوسط في سويسرا، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة باريس الأولى، الدكتور حسني عبيدي، أن التوتر الذي ينتاب العلاقات الجزائرية الفرنسية منذ عدة أشهر يعود في أساسه إلى خشية باريس من استمرار الجزائر في إقرار قانون لتجريم الاستعمار، الذي لا تريد فرنسا تحمل تبعاته، واصفا المرحلة التي تشهدها العلاقات الثنائية في الوقت الراهن ب “الحرب الصامتة”. وقال “العلاقات الآن تشهد حربا صامتة، ففرنسا تعلم جيدا أن الوتر الحساس بالنسبة للجزائر هو إثارة قضية الرهبان التي كان الملحق العسكري في السفارة الفرنسية بالجزائر قد اتهم الجيش الجزائري بالضلوع فيها، وهو أمر استنكرته الجزائر وتبرأت منه وزارة الخارجية الفرنسية، لكن يبدو أن هناك توزيعا للأدوار بين المؤسسات الفرنسية، وهو رد فعل على قانون تجريم الاستعمار الذي بدأت الجزائر في الإعداد لإقراره”، مؤكدا أن الأمر افشل زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى الجزائر وأجل زيارة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى فرنسا مرتين”. وأشار عبيدي إلى أن قضية الدبلوماسي الجزائري، الذي يتهمه القضاء الفرنسي بالعلاقة في عملية اغتيال علي مسيلي، هي جزء من الأوراق التي تعمل السلطات الفرنسية على إثارتها كلما أثيرت قضية تجريم الاستعمار في الجزائر، وقال “ما يجري الآن هو جزء من معركة دبلوماسية ليست جديدة لكن أطوارها بدأت، لأن الجزائر لا تريد لفرنسا أن تحتكر الهيمنة على الجزائر ودول المغرب العربي، بينما تعمل فرنسا لإجهاض تمرير قانون تجريم الاستعمار، لأن ذلك سيشكل فاتحة لقضية كبرى ستكلف فرنسا كثيرا، ما جعل فرنسا تحاول إثارة مشاكل قضائية ذات أبعاد جنائية دولية”.