تحت شعار “التصدي للإرهاب النووي”، افتتح الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ومعه قادة 47 دولة، إضافة إلى الأممالمتحدة والوكالة الدولية للطاقة والاتحاد الأوروبي، القمة النووية التي يمكن اعتبارها تدشينا لاستراتيجية دولية جديدة من شأنها أن تبقي الولاياتالمتحدة دوما على قمة العالم على الأقل للقرن الحالي، وذلك وفق ما يريد صناع القرار الأمريكي. وقد سبق القمة تخطيط أمريكي استمر لما يزيد على عشر سنوات، ومؤخرا أتمت الولاياتالمتحدة عملية مراجعة شاملة لها عقد فيها ثمانون اجتماعا للتأكد من خطوط ومعطيات هذه الاستراتيجية الجديدة التي من شأنها إبقاء السلاح النووي (أسلحة الدمار الشامل) في يد كبار المسؤولين ومنع طموحات باقي المجتمع الدولي من الحصول على قوة دمار غير محكومة. وإذا كان أوباما محظوظا في إتمام الكثير من تعهداته الانتخابية وتميزه بسبق إتمام خطوات تاريخية منذ اليوم الأول لوصوله للحكم، فإن هذه القمة قربته لخط النهاية من إبرام اتفاق تاريخي تعدل فيه وبشكل مستقر إلى حد ما ولسنوات طويلة مقبلة، خريطة القوة في عالمنا. وأتمت إدارة أوباما بالفعل الاتفاق الأساسي، لاسيما مع روسيا، ومع دول أخرى لتشكيل تحرك دولي جديد في منظومة ستجعل من شبه المستحيل على أية دولة الحصول على مواد تستخدم في صناعة سلاح نووي من دون المرور بهذه المنطقة، تماما كما فعلت تشيلي مؤخرا عندما أعادت اليورانيوم المخصب للولايات المتحدة. وهذا الاتفاق الجديد ، سيمكن من مراقبة، بل ومحاسبة الدول التي تصفها واشنطن وحلفاؤها ب “المارقة”، لاسيما إيران وكوريا الشمالية، فيما تحتفظ الولاياتالمتحدة ومعها الكبار باستمرارية الردع الاستراتيجي، حتى وهي متفقة على خفض أسلحتها النووية، وهذا التخفيض على أي حال يشمل أسلحة نووية قديمة، كأن أمر التخلص منها وارد، وحيث ستتخلف الولاياتالمتحدة - على سبيل المثال - من صواريخ كروز الحاملة لقنابل نووية، والتي تطلق من البحر، حيث ستحال للتقاعد، وما يؤكد هذا التوجه اعتزام الولاياتالمتحدة تخصيص ميزانية لتحديث المخزون النووي للسنة المالية 2011 بزيادة قدرها 13 % . وبالنسبة لمحاصرة خطر الإرهاب النووي فإن هذه القمة وإن كانت لم تركز بشكل معلن على مناقشة موضوعات اعتبروها جانبية تتعلق بالملف النووي الإيراني، وكذلك الكوري الشمالي، فإن اللقاءات الثنائية التي عقدها المسؤولون الأمريكيون على هامش القمة، مع نظرائهم تناولت في كثير منها هذه الموضوعات، وذلك توطئة للاتفاق على إجماع بشأن مواجهة إيران التي ستكون بموجب تداعيات هذه القمة إحدى الدول “المارقة”، “التي يخشى من حصولها على سلاح نووي يمكن أن ينتقل إلى أيدي (فاعلين) كجماعات “إرهابية” أو مصنفة “إرهابيا” مثل حزب الله، ما يهدد الأمن والسلم . أما بالنسبة ل “إسرائيل”، فقد لوحظ كما كان متوقعا الطرح المصري وكذلك التركي لهذا الإشكال، حيث أوضحت مصر في ورقة عمل تم توزيعها على قادة القمة صادرة باللغتين الإنجليزية والعربية تشرح فيها مصر أن التهديد النووي من خلال استخدام أسلحة أو مواد نووية حتى وإن كانت احتمالا مستبعدا يدفع إلى خلاصتين، أولاً أن مجرد وجود هذه الأسلحة واحتمال استخدامها ووجود منشآت نووية غير خاضعة لنظام الضمانات، يعد في حد ذاته مصدر تهديد عالمي.