بالفعل اطلعت على كتاب الدكتور سعيد سعدي "عميروش.. ميتتان ووصية" الذي أصدره في فرنسا واتهم فيه صراحة العقيدين بوالصوف وبومدين بتسهيل تصفية العقيد عميروش! الكتاب مليء بمغالطات سياسية تتحدث عن الواقع الحالي أكثر مما تتحدث عن حقيقة الأحداث التاريخية التي يزعم الكتاب أنه يناقشها! ولعل أهم مغالطة هي القول إن بومدين وبوالصوف سعيا لتصفية عميروش بالوشاية به إلى الاستعمار كي لا يلتحق بتونس، لأنه لو وصل إلى تونس فسوف يحل جيش الحدود! ويفكك مؤسسة المالڤ! ولست أدري كيف سمح الدكتور سعدي لنفسه أن يقول هذا الكلام دون أن يحس بالمبالغة فيما يقول! فهل حقيقة أن عميروش كان من القوة بما كان يسمح له أن يفعل بالمالڤ وجيش الحدود ما عجز عن فعله قبله عبان رمضان! ترى ما هذه الشخصانية التي صاحبت تحرك عبان رمضان وأدت إلى تصفيته؟! وقد تكون صاحبت أيضا المرحوم عميروش.. وورثها الآن بعده نجله وسعيد سعدي! كيف يصدق سعدي مقولة إن عميروش كان بصدد تصفية قيادة الثورة في تونس والحال أن هذه القيادة أنهت من هو أقوى من عميروش وهو عبان؟! هل عميروش أقوى من مصالي الحاج الذي ثارت ضده الثورة لأنه شخصن النضال الوطني؟! والثورة التي لم تسمح لمصالي أن يركبها لوحده كيف تسمح لعبان أو عميروش بركوبها؟! وهما ليسا حتى من جماعة "22" أو جماعة الستة أو حتى جماعة التسعة؟! عميروش الذي لم يستطع تجميع عقداء الولايات في الداخل.. كيف يستطيع أن يصفي جيش الحدود و"المالغ" ومحاسبة قيادة الثورة كما يقول سعدي؟! أغلب الظن أن كتاب سعدي سيؤدي إلى إخراج المستور في هذا الأمر! وقد يقول الناس ما يعرفون حول هذا الموضوع! وأقله خطورة هو ما أحدثه عميروش لو وصل حيا إلى تونس قد يتابع بملف النقيب "ليجي" وما أحدثه من مجازر في صفوف قيادة الولاية الثالثة على يد عميروش! وهناك من يقول إن العقيد عميروش كان يواجه مشاكل أمنية حقيقية في ولايته بعد المجازر.. وقد تكون وفاته لها علاقة بمشاكله داخل ولايته وليس بالمشاكل مع قيادة الثورة في تونس أو مشاكله مع الولايات المجاورة لولايته! ومع أن استشهاد عميروش كان رفقة عقيد مثله بالولاية السادسة، فإن الحديث يجري دائما حول عميروش وحده وكأن الذي مات معه لا قيمة له! هذا الاستعلاء القيادي الذي ظهر في مؤتمر الصومام ما يزال مستمرا إلى اليوم! ويعد حالة مرضية أكثر منها حقيقة تاريخية! وأعتقد أن الأمر هذه المرة لن يسكت عنه!