قال الدكتور أمين الزاوي إن ما تقوم به وزارة الثقافة الجزائرية من نشاطات بكامل ترسانتها المؤسساتية وميزانيتها الكبيرة، لا يصل إلى مستوى أهمية وفعالية ما يقوم به المركز الثقافي الفرنسي بالجزائر لوحده. أمين الزاوي: كلّ ما تقوم به وزارة الثقافة الجزائرية لا يرقى إلى مستوى نشاطات المركز الثقافي الفرنسي بالجزائر وأضاف الزاوي في مداخلته بمؤتمر عقد في بيروت في السابع والثامن من الشهر الحالي ناقش موضوع السياسات الثقافية في البلدان العربية، أن "ما ينجزه المركز الثقافي الفرنسي في الجزائر على مستوى النوعية والفاعلية والأهمية، لا يمكن مقارنته بما تقدمه وزارة الثقافة الوطنية بكل إمكاناتها في السنوات الأخيرة"، مستندا على ما جاء في مداخلة الخبير الجزائري في مجال السياسات الثقافية عمار كسّاب، خلال المؤتمر ذاته، الذي أعطى جردا مفصلا للإمكانات المادية والإدارات لوزارة الثقافة الجزائرية والتي قال عنها "إن المبلغ الهائل المخصص لها وصل إلى 450 مليون دولار العام الماضي، 150 مليونا منها خصصت للمهرجان الأفريقي، مما يعني أننا أمام ميزانية من المفترض أن تنهض بالبلاد". لهذا يعتقد كسّاب أن النقد لم يعد يجدي، والأفضل هو اللجوء إلى ما سماه البحوث العلمية التقنية المحضة، التي تقدم الحقائق والأرقام، وللسلطة أن تستفيد منها وأن تعود إليها. وقد خرج المشاركون في هذا المؤتمر بتشريح منهجي لواقع السياسات الثقافية العربية، معتبرين أن مصر والجزائر تحتضنان وزارتي الثقافة الأكبر والأضخم عربيا. مؤكدين أنه ليس للدول العربية سياسات ثقافية واضحة الملامح بالمعنى العلمي للكلمة. ولهذا، فإن وزارات الثقافة، وبعضها ضخم وله ميزانيات كبيرة جدا، لا تعمل وفق رؤى وأهداف وخطط توصل إلى غايات مدروسة ومحددة. والأسوأ من هذا كله هو غياب الشفافية، وصعوبة وصول أي باحث إلى معلومات دقيقة حول عمل هذه الوزارات وسبل الإنفاق فيها، وما الذي يتحقق، وما هي الإخفاقات التي تمنى بها. وقد جاء في الخلاصة التي توصلت إليها مجموعة دراسات رصدت - وفق منهج علمي - السياسات الثقافية لثماني دول عربية، قامت بها "مؤسسة المورد الثقافي" ونشرتها في كتاب صادر عن "دار شرقيات" لعله الأول من نوعه في اللغة العربية، رافق نشره مؤتمر بيروت، جاء أن"السياسات الثقافية العربية لا تتعدى كونها توجهات عامة يتم السير وفقها، ولا تتطور لتصبح مجموعة قوانين وقواعد تقرها السلطات رسميا من أجل تطوير بعيد المدى. كما أن الثقافة في العالم العربي تبقى مسخّرة لخدمة السياسة: القومية، الحزب الحاكم، الهوية الإسلامية، أو ربما ثقافة المقاومة". الدول التي تمت دراستها لغاية الآن هي: لبنان، سوريا، الأردن فلسطين، مصر، الجزائر، تونس والمغرب، على أن تضاف إلى اللائحة أربع دول أخرى، بدءا من عام 2011. حساسية الموضوع قد تفسّر الحذر الذي تعاملت به "مؤسسة المورد" معه في مؤتمر بيروت الذي لم يخرج بتوصيات نظرية غير صالحة للتطبيق، لذلك فقد قدم توصيات لاستكمال البحث باتجاه المزيد من الدول العربية، ومحاولة لإشراك خبراء حكوميين في مجال الرصد، كما أن مؤتمرا إقليميا سيعقد سنة 2012 لتقييم العمل. وستعمل "المورد" على نشر تقرير حول السياسات الثقافية في الدول التي ترصدها كل شهرين، أولها في نوفمبر 2010، كما ستعمل على إمكانية خلق "مؤشر للفعل الثقافي" يحتوي على معايير لقياس الفعل الثقافي في الدول الثماني - بما فيها الجزائر -، يتم تحديد المعايير وفقا للحوار والنقاش بين المسؤولين الحكوميين والناشطين الثقافيين المستقلين خلال عامي 2010 و2011.