لفت أحدث تقرير للبنك الدولي عن الآفاق الاقتصادية العالمية 2010، إلى أن اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منها الجزائر، يتجه نحو التعافي من أزمة المال العالمية وحالة الركود الاقتصادي الحالية. ويرى البنك الدولي أن الآفاق الاقتصادية المستقبلية الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بما فيها الجزائر، تبقى مدفوعة بأسعار النفط والنشاط الاقتصادي في الاتحاد الأوربي الشريك التجاري الرئيس للمنطقة، علماً أن انهيار أسعار النفط بداية الأزمة والقيود التي وضعتها منظمة "الأوبك" على إنتاج أعضائها أدى إلى انخفاض كبير في الإيرادات النفطية، ما انعكس سلبا على تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتحويلات المغتربين وعائدات السياحة بين بلدان المنطقة، لكن يُتوقع أن تنتعش الصادرات، من حيث حجمها وقيمتها، لترتفع ما بين 2 و13.5 في المئة على الترتيب، ويُتوقع أيضاً أن تترسخ أسس التعافي في المنطقة، مع تحسّن النمو من 4 في المئة هذه السنة إلى 4.3 و 4.5 في المئة في 2011 و2012. وعانت الجزائر إلى جانب كل من إيران وسوريا واليمن، من انخفاض عائداتها النفطية إلى النصف في 2009، في ظل تراجع قيمة صادراتها إلى 40 في المئة، من 212 بليون دولار في 2008، إلى 125 بليونا في 2009، وبالنسبة إلى البلدان التي تعتمد اعتمادا كبيرا على عائدات النفط لتمويل مشروعات البنية التحتية والإسكان في الأمد الأطول مثل الجزائر، أو دعم النفقات الاستهلاكية الجارية، أو بناء القدرات والحفاظ عليها من أجل تعزيز صادراتها من الغاز الطبيعي المسال مثل اليمن، ألحق الانهيار الفعلي في مستويات الدخل، أضرارا بالغة بمعدلات نموها الاقتصادي. وأدت الأحداث التي شهدتها أوربا، من أفريل إلى جوان الجاري، والمتعلقة بمصاعب الديون السيادية في كل من اليونان وإسبانيا والبرتغال، وحزمة تدابير تثبيت الأوضاع الاقتصادية التي أطلقها الاتحاد الأوربي وصندوق النقد الدولي، إلى إضعاف اتجاهات عديدة ناشئة ومهمة بالنسبة إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وعلى الرغم من أن الاقتصاد العالمي لا يزال مستمرا في طريق الانتعاش، فإن أزمة الديون الأوربية، كما كشف التقرير، وضعت مزيدا من العقبات على طريق النمو المستدام في الأمد المتوسط، وقال مدير إدارة الاقتصاد الكلي العالمي في المؤسسة الدولية أندرو برنز "إن البلدان النامية ليست في معزل عن آثار أزمة الديون السيادية في البلدان المرتفعة الدخل، لكننا نتوقع استمرار الأداء الجيد في بلدان كثيرة إذا ركزت على استراتيجيات النمو، وعملت على تيسير مناخ الاستثمار وبيئة الأعمال، أو زيادة كفاءة الإنفاق"، وسيتمثل هدفها الرئيسي في ضمان استمرار تمكّن المستثمرين من التمييز بين طبيعة أخطارها من جهة، وطبيعة الأخطار التي تعانيها البلدان المرتفعة الدخل من جهة أخرى. تراجع "الأورو" يؤثر على نفقات دول المنطقة وكان لتراجع سعر صرف "الأورو" آثار متفاوتة، إذ أعطى التراجع قوّة شرائية كبيرة للبلدان المصدرة للنفط في المنطقة، حيث يشكل الدولار العملة الرئيسة لعائداتها، وتتم مشترياتها من السلع الرأسمالية والاستهلاكية مع أوربا ب "الأورو"، إلا أن هذا التراجع يحمل في طياته آثاراً حادة بعض الشيء بالنسبة للاقتصاديات المتنوعة في المنطقة، نظراً إلى اعتماد عائداتها من العملة الأجنبية ونفقاتها في العادة على "الأورو"، وتأثرت الاقتصاديات الأكثر تنوعاً في المنطقة، بشكل مباشر جراء الركود الذي أصاب أسواق الصادرات الرئيسة في الاتحاد الأوربي، وبدرجة أقل الولاياتالمتحدة، ما أدى إلى تراجع كبير في الصادرات في 2009، وتوجد دلائل جلية على حدوث بعض التعافي والانتعاش في الشهور الأولى من السنة الحالية. وعلى صعيد البيانات الإحصائية، يتوقع تقرير البنك الدولي أن تترسخ أسس التعافي في المنطقة، مع تحسّن النمو من 4 في المئة هذه السنة إلى 4.3 و 4.5 في المئة عامي 2011 و2012. وأن تنتعش الصادرات، من حيث حجمها وقيمتها، لترتفع ما بين 2 و13.5 في المئة، علماً أن تدفق تحويلات العاملين من المنطقة في الخارج بلغت 33.8 بليون دولار عام 2008، أعلى مستوى لها على الإطلاق، يمثّل 4 في المئة من إجمالي الناتج المحلي للمنطقة، لكنها تراجعت بواقع 6 في المئة في 2009 إلى 31.8 بليون دولار تمثل 3.8 في المئة من الناتج الخام، وبلغت إيرادات قطاع السياحة 35.1 بليون دولار توازي 4.2 في المئة من إجمالي الناتج المحلي للمنطقة في 2008، وهو أعلى مستوى لها على الإطلاق، وتشير التقديرات إلى تراجع حاد في تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر عام 2009، بواقع 32 في المئة إلى 19.2 بليون دولار.