في دراسة بديعة لسلوك النحل كتب د.والت أوبنهايمر يقول: إن العلماء انشغلوا دائما بسلوكيات نحل العسل. فالنحلة قد تبعد مسافة كبيرة جدا عن الخلية. ثم تنطلق كأنها مقذوف ناري نحو الخلية ولا تخطئ. كيف؟ قالوا كلاما كثيرا. ولكن من أهم ما قيل: إن النحلة عندما تغادر الخلية تدور حولها تلتقط لها صورة ثابتة. وبهذه الصورة تهتدي في العودة إليها.. وقيل: بل تشم رائحة الخلية. وقيل إن النحلة تقترب من الخلية وفي جزء على مائة ألف من الثانية توقف أجنحتها عن الحركة وتترك جسمها يهبط جزءا على ألف من الملليمتر، وفي هذه المسافة الزمنية والمكانية الصغيرة تعرف قوة الجذب على جسمها وجناحيها. وهكذا تحتفظ النحلة بصورة الخلية ورائحتها. ولذلك لا تخطئ خليتها من ألف خلية أخرى! فما الذي حدث؟ الذي حدث أن هناك سلوكا غريزيا. هذا السلوك هو الذي يتوارثه النحل من ملايين السنين. وتحدث بعض التغيرات في هيئة الخلية وما حولها تقتضي أن يقوم النحل بتعديل في سلوكه. وهذه أشياء جديدة مكتسبة. ومن الغريزة ومن المكتسبات يتولّد نهائيا سلوك النحلة. وكثير من الحشرات أيضا. ونحن، بني الإنسان، لدينا ما هو غريزي وما هو نتيجة محاولات جديدة. هذه المحاولات هي التي تضيف معلومات إلى حياتنا. والذي تضيفه أكثر كثيرا من الغرائز، ولذلك تقدّم الإنسان. أما الحيوان فهو الكائن الذي يكرر كل شيء في حياته دون تغير. ولحظات الجمود في حياة الإنسان هي عندما لا يقبل جديدا. وعندما لا نضيف جديدا إلى جديد.. فإن كنت بالأمس من عشرين عاما مثلك اليوم. فأنت لم تتغير.. ومعنى هذا أن حياتك كانت في حاجة إلى حياة! أنيس منصور كاتب مصري