يعرف مرتادو الطريق الوطني رقم 6 أن الجهة الشرقية لبلدية بوقطب، في اتجاه ولاية البيض، غزتها خيم وحظائر حديدية تنامت كالفطريات، أصحابها يمتهنون نشاط تربية الماشية بعدما هجروا بلدياتهم بكل من الرقاصة، الشقيق وتوسمولين، بفعل الجفاف وغلاء المواد العلفية أجمع قاطنو تلك المحتشدات، في لقائهم ب“الفجر”، أنهم لم يجدوا ما يسدون به رمق أسرهم في بلدياتهم الأصلية بسبب الجفاف والتصحّر وغلاء المواد العلفية، وهي عوامل أتت على قطعان الماشية التي كانوا يملكونها، الأمر الذي أجبرهم على الهجرة نحو بلدية بوقطب بحثا عن فرص جديدة بحكم الخصوصية الرعوية لهذه المنطقة. وقد استقرت تلك الفئة بهذا الموقع البعيد عن مدينة بوقطب بحوالي 3 كيلومترات، حيث بات الجميع ينعته بالمحتشدات، حيث تضاعف عدد العائلات ليصل إلى أكثر من 300 عائلة تضم أكثر من 1500 شخص حسب إحصائيات البلدية . لكن ما يحز في أنفسهم تماطل السلطات المحلية والجهات الوصية في التكفل بهم ومعالجة انشغالاتهم لمسح آثار التخلف والبداوة التي بدأت تزحف على المدينة، جرّاء هذه الظاهرة التي حملت كل أشكال الغبن والمعاناة وصور البؤس والشقاء لسكان المحتشدات في ظلّ تردي أوضاعهم الإجتماعية وتدهور ظروفهم المعيشية، رغم حديث السلطات المحلية منذ أكثر من 5 سنوات عن حلول بديلة لترحيل هؤلاء البؤساء إلى قرية سيدي الحاج بحوص، بعدما تقدموا باقتراح لإنجاز مجمع سكني ريفي قائم بكل مرافقه العمومية وهياكله الخدماتية، لكن لا شيء تحقق وطال موعد إنجاز هذا المشروع لتظل المعاناة متواصلة وأحاديث المواطنين الباحثين عن مصادر استرزاق جديدة تتقاطع في تأمين لقمة العيش كريمة لأطفالهم رغم المتاعب والصعوبات التي تلاحقهم في محطات البحث عن الماء والإنارة، فضلا عن ظروف التمدرس لأبنائهم، خاصة أيام البرد ونقص خدمات النقل المدرسي وضعف التغطية في هذا القطاع، وصولا إلى نشاطهم الذي ينحصر في التربية الحيوانية لموالي بوقطب مقابل أجرة زهيدة لا تتجاوز في أحسن الأحوال الخمسة آلاف دينار شهريا. لكن رغم تواضع هذه الأجرة، كما يقول هؤلاء المربون، إلا أنها أفضل بكثير من الوضعية التي كانوا يعيشونها قبل نزوحهم إلى هذا المكان ببلدية بوقطب، قادمين إليها من بلديات لا يغري البقاء فيها بأيّ مستقبل من شأنه أن يمسح مظاهر البؤس والشقاء. ولم يتردّد هؤلاء النازحون في توجيه نداء استغاثة إلى السلطات المحلية والجهات الوصية للإلتفات إليهم وتمكينهم من تحسين ظروف حياتهم، متسائلين في سياق متصل عن مشروع التجمع السكني الريفي بقرية سيد الحاج بحوص، الذي سمعوا عنه الكثير لكن لا جديد لاح في الأفق..