النازحون من البادية يستوطنون محتشدات ببلدية بوقطب بالبيض وبدوره، أشار نائب رئيس المجلس الشعبي البلدي لحمر قادة إلى الوضع بوضوح مؤكدا أن "ساكني الزرايب لا يعانون من مشكل فقر، أو قلة المدخول فالموالون المحليون وفروا لهم مناصب شغل في ميدان الرعي، وهم بالمقابل أنعشوا تربية الماشية بالمدينة". وفي سؤال لنا عن تزايد أعدادهم من سنة إلى أخرى، ومن شهر إلى آخر، وهل يسبب ذلك مشاكل للبلدية، أجاب "بأن الوضعية لا يمكن التحكم فيها لطبيعة المكان وغياب آلية لمراقبتهم وبعبارة واضحة لا يمكن ترحيلهم إلى أماكن إقامتهم الأصلية لأنهم يرفضون ذلك بعدما وجدوا بالمكان طريقة الحصول على لقمة العيش دون النظر إلى الاعتبارات الأخرى المرتبطة بظروف عيشهم، يجب التفكير في كيفية تنظيم عيشهم، وكذا ممارستهم لتربية الماشية للقضاء على الظاهرة التي وإن كانت لها سلبيات فلها أيضا جانب إيجابي، لاسيما وأن المدينة بها سوق للماشية يعد من أهم وأكبر الأسواق على مستوى الجنوب الغربي، وتتحصل البلدية من كرائه سنويا على 2.5 مليار سنتيم، يتضح لنا مدى الدور الذي أضحت تلعبه الزرايب في إنعاش عصب التجارة بالمدينة ومن بعدها الولاية. وأثناء تجولنا بالمكان، لفت انتباهنا تواجد أطفال في سن التمدرس يرعون قطعان من الماشية من بينهم محمد، وهو مراهق لم يتعد السادسة عشر من العمر، وجدناه يحرص زريبتين مخصصتين لتربية الماشية وتسمينها بالمكان، وشد انتباهنا أنه كان يقرأ إحدى الجرائد الوطنية، وصرح لنا بأنه انقطع عن الدراسة منذ أن انتقلت عائلته إلى عين المكان قادمة من بلدية الشقيق منذ خمس سنوات رغم أنه كان من أنجب التلاميذ ولازال يحب الدراسة وهو متحسر لمغادرته مقاعدها، وأكد أن الجفاف أتى على ما يملكون من ماشية، والزوابع الرملية التي تجتاح المنطقة نغصت معيشتهم وقبرت منزلهم. ويقوم محمد، اليوم، رفقة والده بالعمل لدى أحد الموالين ببلدية بوقطب بالإشراف على خمس زرائب في كل واحدة ما بين 20 إلى 50 شاة بأجر يقرب 2000 دج للزريبة الواحدة في الشهر حيث يتكفل بحراسة وإطعام الماشية وتقديمها للسوق الأسبوعية للماشية للبيع. والأغرب من وضعية محمد وضعية الطفل لحسن، ذي ال 7 سنوات، والذي لم يلتحق بالمدرسة من الأصل لأن والده آثر له أن يكون راعيا بدل أن يتعلم، وفي استفسارنا عن سبب منع الأب ابنه من الالتحاق بمقاعد الدراسة، أرجع ذلك إلى بعدها عن مكان تواجد خيمته والحجة لم تكن سوى ذريعة يختبئ وراءها لإخفاء طمعه وجشعه للمال. وأكد أحد الموالين أن تجارته عرفت ازدهارا بفضل سكان الزرايب، موضحا أنه يشغل أربعة منهم برواتب تتراوح ما بين 2000دج و3000 دج للشهر، مضيفا أنه تخلص من مشكل الرعي والبحث عن الكلأ بالصحاري، وبفضلهم بات لا يكلف نفسه سوى بتقديم العلف للراعي على مسافة 5 كلم بدل 100 و200 كلم في السابق وانتظار جني الأرباح يوم السوق. وأشار منتخب آخر ببلدية بوقطب، رئيس فرع بلدي لقرية سيد الحاج بحوص، إلى أن ظاهرة استغلال النازحين في تربية الماشية لم تعد مقتصرة على الموالين، بل حتى الكثير من الموظفين بالمدينة وبمختلف القطاعات اتجهوا إليها نظرا للأرباح الكثيرة التي تدرها الحرفة خاصة في موسم الصيف والأعياد، علما أن السوق الأسبوعية للماشية بالمدينة يدخلها أسبوعيا أكثر من 10 آلاف رأس من الماشية. وأضاف أن تربية الماشية التي لا يستطيع الموظف، أو القاطن بالمدينة ممارستها داخل مسكنه ووسط المدينة مراعاة للقوانين، يلجأ إلى أصحاب هذه الزرائب الذين يوفرون خدماتهم حسب الطلبات.