أحسست أن جمال دبّوز جزائري و”خموس وجبريل على شافية بوذراع” كثيرا ما نلتقي بزعيمة حزب العمال لويزة حنون، في إحدى قاعات العرض لأغراض ”سياسية”، أين تكون حنون نجمة العرض الوحيدة أو ضمن شخصيات سياسية أخرى بصدد تقديم دور سياسي ما.. اليوم التقينا بحنون مباشرة بعد خروجها من ظلمة قاعة الموڤار بعد العرض الجماهيري الأول لفيلم ”خارجون عن القانون” لرشيد بوشارب، الذي أثار مؤخرا جدلا تاريخيا وسياسيا كبيرا في الضفتين.. ولأن الأمر ارتبط بالسياسة والتاريخ، أردنا أن نعرف انطباع حنون حول رؤيتها للفيلم... نادرا ما نلتقي بزعيمة حزب العمال في قاعة سينما، فما الذي دفع لويزة حنون إلى حضور عرض هذا الفيلم ؟ ليس تماما كما تقول، أنا محبّة للسينما وعلاقتي طيّبة مع قاعاتها، لكنني بصراحة دخلت قاعة الموڤار لمشاهدة ”خارجون عن القانون”، بخلفية ما أحاط الفيلم في السابق من جدل وانتقادات خصوصا من الطرف اليمين الفرنسي، لذلك كنت أحمل انطباعا مسبقا على أنّ الفيلم أحادي النظرة، لكن بعد ما شاهدته اليوم من طرح موضوعي ورؤية سينمائية مؤسسة على خلفية تاريخية قويّة، أدركت أكثر لماذا بعض الفرنسيين مرعوبون من هذا الفيلم، بسبب ما تطرق إليه من حقائق تاريخية، تميط اللثام عن جرائم الإستعمار الفرنسي في الجزائر.. هل تعتقدين فعلا أن فيلما سينمائيا جزائريا بإمكانه أن يقلق أطرافا فرنسية؟ نعم بالتأكيد؛ إنهم خائفون من التاريخ، لذلك وقفوا في وجه ضوء سينما بوشارب. العودة إلى التاريخ لا تقلق فقط جهات فرنسية؛ فقط تربك الداخل أيضا، ما رأيك؟ ستار التاريخ إذا رفع قد يكشف عن حقائق كثيرة، سواء في الخارج أوفي الداخل، لذلك أعتقد أن ما شاهدناه اليوم هو لمسة جريئة لستار التاريخ.. ”خارجون عن القانون”، فيلم فيه روح النقد، وأعتقد أنه لأول مرة تتطرّق فيها السينما الجزائريّة لبعض القضايا الحساسة المرتبطة بالثورة التحريرية، على غرار علاقة جبهة التحرير مع المصاليين، وبعض الإنزلاقات التي وقعت بين الطرفين، كذلك بعض الأمور النظامية التي وقعت داخل تنظيم الجبهة حينها. الفيلم كما قلت، تطرّق إلى بعض القضايا المرتبطة بتاريخ الثورة، فهل أنت مع أم ضدّ تطرّق السينما إلى مثل هذه المواضيع، وهل تستطيع السينما في رأيك أن تتجرد من ذاتية الطرح؟ أنا لست متخصصة في السينما، لكن أستطيع القول إنه بعد 48 سنة من الاستقلال آن للسينمائيين الجزائريين أن يكسروا طابوهات التاريخ.. في السنوات الأولى من الإستقلال كان من الطبيعي أن نشاهد أفلاما جزائرية عن الثورة التحريرية تستند إلى مادة حماسية وعاطفية، منسجمة مع طبيعة المرحلة، لكن بعد نصف قرن من الإستقلال صار من الضروري أن تتعامل السينما مع التاريخ بجرأة أكثر وبزوايا تشريحية تعتمد على شجاعة الطرح والإنتقاد البنّاء. السينما، أوالفن بشكل عام، قادر على تفعيل مصالحتنا مع التاريخ، والنظرة بشكل موضوعي إلى الماضي، وكما تعلم الذي لا ماضي له لا مستقبل له. بالعودة إلى فيلم بوشارب، كيف وجدت ”كاست” العمل، وهل تعتقدين أنهم وفقوا في تقمصّ أدوارهم؟ أبهرتني شافية بوذراع، هذه المرأة الجزائرية الحرة التي لا تزال تحافظ - رغم سطوة السن - على لياقتها الإبداعية.. ”خموس وجبريل عليها”.. وأظّن أن الممثل المغربي جمال دبّوز أضاف الشيء الكثير لروح العمل، أقنعني أنه جزائريّ خالص. إذن؛ خرجت راضية عن ”خارجون عن القانون”؟ بكيت وضحكت وتفاعلت مع أحداث الفيلم، لذلك أعتبره فيلما ناجحا بكل المقاييس.