تتميز أفراح وأعراس بونة الجميلة بالموشحات الطويلة المستوحاة من التراث الشعبي والمدائح الدينية، المرفوقة بإيقاعات البندير والزغاريد.. تلكم هي أفراح العنابية، والتي تدوم يومين كاملين، حيث يخصص اليوم الأول للأقارب وأهل العروس من النساء فقط في أمسية تنشطها الفقيرات، ممزوجة بإيقاع البندير والدفة. ويتخلل العقدة التبراح على العروس التي ترتدي في تلك الليلة وشاحا ورديا لوضع الحنة المرصعة بماء الزهر هذه العادات متأصلة في مثل هذه الأعراس، ولا تكتمل صورة هذا الطابع الغنائي إلا بعروض ”التهوال”، وهي عبارة عن حركات ورقصات خفيفة تتماشى مع إيقاعات البندير تقوم بها بعض النسوة، خاصة منهن اللوات يحضرن الزردة الخاصة بالأولياء التي عادة ما تكون بالنوبة والعيساوة، حيث لا تتوقف المرأة المتهولة عن التهوال إلا بإضفاء بعض المدائح الدينية التي تهدئ من روعها وبعض قطرات ماء الزهر. وأهم ما يميز قعدة الفقيرات هو تعطير القاعة بالبخور والعنبر، وإحضار كانون من الفحم لتسخين البندير. ولعل الشيء الذي يطبع السهرة الأولى من العرس العنابي هو توزيع الحلويات التقليدية، وعلى رأسها المقروط المعسل، والرفيس المرشق بالمكسرات، بتقديمه مع الشاي والقهوة المنكهة بماء الزهر، بالإضافة إلى أقداح من اللبن. ويتواصل الحفل بدخول العروس لاستعراض لباسها من ڤندروات المزينة بالفتلة والمجبود والقات مصحوبة ببعض اللواحق الأخرى منها الشونة والدلالة والسخاب، إلى جانب المجوهرات.ويخصص مكان للعروس أعد لها خصيصا بديكور جميل مستوحى من تقاليد بونة.. وعلى أنغام الحنة والبندير تتقدم عجوز وهي تحمل صينية بها صحن الحنة المبللة بالحليب وماء زمزم، وتحيط بها الشموع والعنبر، بالإضافة إلى وشاح أبيض مزين يوضع على حجرها وكذا القفازات البيضاء الناصعة، لتباشر العجوز وضع الحنة في يد العروس وتغطيها بالقطن ثم توزع ما تبقى في طبق الحنة على الفتيات العازبات.. لتنطلق من جديد أهازيج وأغاني الفقيرات مصحوبة بالزغاريد والرشقة، ثم تقدم الهدايا إلى العروس. أما في اليوم الثاني، فيأتي أهل العريس وتقام وليمة العشاء، ثم تقدم العطية، وهي عبارة عن جهاز العروس مرفوق بطبق الحنة وبعض الأساوير الذهبية. وعندها تتقدم أم العريس توضع الحنة لكنتها، لتتواصل الأفراح والزغاريد إلى الصباح.