كشف، أمس، مسؤول حكومي مصري عن قيام الجامعة العربية مؤخرا بتدخل لدى الجزائر من أجل حثها على التراجع عن قرارها المتعلق بإلغاء الإعفاءات الجمركية المقررة على 1294 منتوج مصري، بعدما شكت شركات مصرية عديدة من قرار الحكومة الجزائرية “المفاجئ” الصادر في جانفي الماضي، الذي حد من قدرتها على المنافسة. وبين شكاوى الشركات المصرية من الخسائر التي لحقتها نتيجة القرار الجزائري، وأخرى تتهم الحكومة الجزائرية بعرقلة صادرتها، مايزال المصدرون المصريون وباقي الشركات المستثمرة في البلاد تأمل في نتيجة ميدانية لزيارة الرئيس حسني مبارك للجزائر. وقد لجأت القاهرة إلى الجامعة العربية، التي “تديرها هي نفسها”، وذلك من خلال لجنة التنفيذ والمتابعة بالجامعة إلى دعوة الجزائر إلى إعلان تراجعها عن قرار إلغاء الإعفاءات الجمركية على عدد معتبر من سلعها المصدرة نحو الجزائر وتعميمها على المنافذ الجمركية، حسبما نقلته أمس صحيفة “الشعب” المصرية. وصنف استغلال القاهرة لجامعة الدول العربية من أجل رفع “العقوبات” الاقتصادية المفروضة بشكل غير مباشر من طرف الجزائر، على أنه تدخل، لكون قرار الحكومة الجزائرية الذي وصف ب “المفاجئ”، مخالف لاتفاقية تيسير التجارة العربية، ولكنه قد يكون نابعا من ضغط المصدرين المصريين الذين لم يتحملوا الخسائر التي تسببت فيها القاهرة، حيث أكد عضو بمجلس الأعمال المصري الجزائري، توقف حركة التجارة مع الجزائر، فيما يتعلق بالسلع المفروضة عليها رسوم وضرائب إلى حين اتضاح الموقف. ويعلق الكثير من الاقتصاديين المصريين آمالهم على زيارة رئيسهم للجزائر مؤخرا لتأدية واجب عزاء رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، في شقيقه المرحوم مصطفى، وانفجر منهم تفاؤل مبالغ فيه، رغم أن الجزائر لم تتحرك إلى اليوم بما يوحي أن زيارة مبارك خرجت عن واجب العزاء، وانطلق الحديث المسبق في مصر على الانفراج. ونقلت صحيفة “الشعب” المصرية عن عضو مجلس الأعمال المصري الجزائري، علي دقلي، قوله “إن الزيارة الأخيرة للرئيس مبارك إلى الجزائر ساعدت على تذويب الثلج بين البلدين”، واصفا الأحداث التي أعقبت مباراة منتخبا البلدين ب”المؤسفة”، وأبدى تخوفه من تكرارها خلال مباراة الإسماعيلي وشبيبة القبائل. وذكر المسؤول الحكومي المصري بأن صادرات بلاده للجزائر بلغت العام الماضي 365 مليون دولار مقابل 354 مليون دولار للواردات، ما يبين أن المصدرين المصريين مستفيدين كثيرا من السوق الوطنية، وأن قرار الحكومة في جانفي الماضي، أي مباشرة بعد اندلاع الأزمة بين البلدين، بإلغاء الإعفاءات عن السلع المصرية، كان شديد الوقع على “جيوبهم”. ويعد لجوء القاهرة إلى جامعة الدول العربية من أجل دفع الجزائر إلى إلغاء هذه العقوبة، خير دليل على ذلك، خاصة بعد فشل القاهرة في إقناع الجزائر بالتراجع. وقال علي دقلى، إن قرار الحكومة الجزائرية رفع الأعباء الإضافية للسلع المصرية إلى 55 بالمائة، حد من قدرة الشركات المصرية على المنافسة، واضطرها إلى التوقف مؤقتا عن التصدير نحو الجزائر، بعدما بلغت الرسوم الجمركية 40 بالمائة، بالإضافة إلى 15 بالمائة. وبالمقابل، اتهم أحد المصدّرين المصريين، أحمد صقر، الجزائر، بالتفنن في وضع العراقيل التي تمنع دخول الصادرات المصرية، بعدما اضطره القرار الجزائري إلى توقيف تصدير العصائر إليها منذ أشهر، واشتكى من إجراءات جديدة فرضتها الجزائر على السلع المصدرة إليها، منها ضرورة فتح اعتماد مستندي في أحد البنوك، واشتراط الحصول على موافقة من شركات مراجعة البضائع قبل التصدير إليها، وهو ما لم يكن متبعا سابقا. ولكن مصر تشكو فقط ما يحدث لها في الجزائر، رغم أنها فشلت في إدخال سلعها إلى السودان، واضطرت إلى إعادتها لمصر بعد بقائها مكدسة في الموانئ.