كشفت مصادر عسكرية وأمنية متطابقة ل “الفجر” عن تلوث نحو أربعين كيلومترا مربعا من مساحة ولاية أم البواقي بالألغام الأرضية، وأكدت صعوبة تحديد أو إحصاء بدقة عدد الألغام الموجودة في تلك المساحات الشاسعة والمسالك الوعرة. ويأتي الإعلان عن المساحة المزروعة بالألغام على مستوى ولاية أم البواقي بعد انتهاء مصالح الجيش الوطني الشعبي من عملية مسح دورية وأشارت ذات المصادر إلى أن وزارة الدفاع الوطني تعمل على مواجهة مشكلة الألغام عبر قيام مصالحها بعمليات منظمة لنزع وتدمير الألغام، مشيرة في السياق ذاته إلى حملة التوعية التي تقوم بها الوزارة بالتعاون مع هيئة الأممالمتحدة للحد من التعرض للأخطار الناجمة عن تلك الألغام. وأكدت مصادر “الفجر” أن حجم المشكلة يستدعي من مختلف الوزارات بذل جهود كبيرة تساهم في الحد من خطر الألغام، على اعتبار أنه في وقت الحالي لاتزال وزارة الدفاع الوطني تتحمل مسؤولية إزالة وتدمير الألغام الأرضية المضادة للأشخاص، سواء تلك التي خلفها الاستعمار الفرنسي، أو التي زرعتها الجماعات الإرهابية خلال العشرية السوداء، وأشارت إلى أن وزارة الدفاع الوطني تعد تقارير ومسوحًا دورية تقدمها إلى هيئة الأممالمتحدة وفق معاهدة أوتاوا. على صعيد آخر، قالت ذات المصادر إنه من الصعب الوقوف على العدد الحقيقي للألغام في ولاية أم البواقي، وتوقعت بالمقابل أن يقلل المسح الجديد من “العدد”، على حد وصفها. وقد تحدثت في وقت سابق مصادر عسكرية عن وجود حوالي 13 مليون لغم أرضي مزروعة في الجزائر، منها 11 مليونا تم زرعها من طرف الاستعمار الفرنسي، والبقية زرعتها الجماعات الإرهابية إبان العشرية الدموية. ورغم أن الأرقام في مجملها تبقى نسبية، إلا أن المسح يتوقع أن عددها يرتفع في الجبال والغابات والمسالك الوعرة، فضلاً عن المناطق غير المأهولة بالسكان. وتصنف الجزائر من بين أكثر الدول تأثرا بالألغام، بفعل الاستعمار الفرنسي الهمجي ومرحلة الإرهاب، موضحة أنه لا توجد إحصائيات دقيقة حول عدد الألغام المزروعة أو مكان تواجده عبر التراب الوطني. وينتشر حاليا خبراء عسكريون من الجيش الوطني الشعبي لاستكشاف الألغام على الحدود الشرقية والغربية، في أطول عملية نزع انطلقت فور الاستقلال عام 1962، ولازالت متواصلة إلى حد الآن وإلى غاية نزع آخر لغم. وتواجه عملية نزع الألغام مصاعب كبيرة، كون أكثر الأماكن المزروعة جبلية، وتتطلب قطع الأشجار الكثيفة، إلى جانب عدم جدوى خرائط الألغام المسلمة من فرنسا أواخر عام ألفين وسبعة. وتشير آخر الإحصائيات إلى أن عدد ضحايا الألغام، الذين أصيبوا بإعاقات وعاهات مستديمة بالجزائر، يفوق 12 ألف ضحية، وتحتل ولاية الطارف الصدارة في عدد ضحايا بنحو 485 مصاب، وبالمقابل تمكن الجيش الوطني الشعبي من نزع 8 ملايين لغم.