ذكرت مصادر أمنية محلية موثوقة ل”الفجر” أن ولاية أم البواقي شهدت في ظرف سنتين فقطارتفاعا مخيفا ومطردا في عدة حالات ضياع الأسلحة النارية من أعوان الأمن، وهي الظاهرة الخطيرة التي ألقت بظلال قاتمة على مختلف الأسلاك الأمنية، شرطة، درك وطني، جمارك وجيش شعبي وطني، حيث تم تسجيل ضياع 5 مسدسات نارية من نوع “بيريطا” في ظرف أقل من سنتين على مستوى ولاية أم البواقي، آخرها حادثة ضياع سلاح ناري من ضابط الشرطة القضائية لعين مليلة، منذ أسبوع، الأمر الذي تسبب في توقيفه عن العمل وإحالته على العدالة. وحسب ذات المصادر، فإن الخطير في استفحال ظاهرة ضياع الأسلحة النارية من طرف أعوان الأمن هو عدم تمكن المصالح الأمنية من العثور عليها واستعادتها، وهو ما يشكل خطرا ماحقا على الأمن والنظام العموميين على مستوى ولاية أم البواقي. هذا، وقد أبدى مصدر أمني مسؤول ل”الفجر” مخاوفه من تكرار مثل هذه الحوادث اللامسؤولة، خاصة في ضوء معلومات مؤكدة تفيد بأن معظم الأسلحة النارية الضائعة من أعوان الأمن توجه صوب شبكات التهريب والجماعات الإرهابية، مشددا على عناصر الأمن بمختلف الوحدات بالتحلي باليقظة وعدم التهاون في الحفاظ على أسلحتهم وعدم الإغفال عنها. ويعزو خبراء أمنيون استفحال حوادث ضياع الأسلحة النارية من طرف عناصر الأمن في مختلف الأسلاك الأمنية إلى التراخي واللامبالاة ونقص اليقظة، خلال السنوات القليلة الأخيرة، وذلك بسبب انحسار العمليات الإرهابية، عكس ما كانت عليه سابقا. أما خبراء علم النفس والاجتماع فيرجعون هذا التراخي من طرف عناصر الأمن إلى أسباب اجتماعية ونفسية، فرجل الأمن وبغض النظر عن مهنته الحساسة، التي تستدعي منه الصرامة واليقظة الدائمة، تزيد من ضغوطه النفسية، خاصة وأن آثار ومخلفات العشرية السوداء خلفت صدمات نفسية وعصبية كثيرة في أوساط عناصر الأمن الذين يرجع لهم الفضل في مكافحة الإرهاب ومحاربته، إلى جانب الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي يتخبط فيها جل المنتمين إلى الأسلاك الأمنية. وتشير إحصائيات رسمية إلى أن 80% من عناصر الأمن يشتكون من تدهور قدرتهم الشرائية ويُعانون من مشاكل السكن والبعد عن الأهل والتأخر في الترقية، كما تم إحصاء إصابة عدد معتبر من المنتمين للأسلاك الأمنية بانهيارات عصبية وأمراض نفسية متنوعة، إلى جانب إحصاء عدة حالات انتحار في صفوفهم. وقد ذكرت مصادر أمنية محلية عليمة ل”الفجر” أن المديرية العامة للأمن الوطني، وبعد تلقيها لتقارير تفيد بارتفاع عدد حوادث ضياع الأسلحة النارية من العناصر الأمنية بولاية أم البواقي، وبالتنسيق مع القيادة العامة للدرك الوطني والجمارك الوطنية ووزارة الدفاع الوطني، قررت إيفاد لجنة تحقيق وطنية مختلطة بقيادة إطارات أمنية سامية، عقب عيد الفطر، تكون مرفوقة بأخصائيين نفسانيين واجتماعيين للتحقيق في الأمر، ثم رفع تقارير رسمية إلى الجهات المختصة.