تعاني ولاية أم البواقي، على غرار باقي ولايات الوطن، من مشكلة الإرتفاع الكبير في معدلات البطالة، خصوصاً بين فئة الشباب والمتعلمين. وعلى الرغم من تضارب النسب المعلنة بين (14%- 20%) أحيانًا وحسب إحصائيات غير رسمية، فإن لها تبعات سلبية في المجتمع وكما يذكر خبراء علم الإقتصاد، فإن العاطل هو كل قادر على العمل وراغب فيه، ويبحث عنه، ويقبله عند مستوى الأجر السائد، ولكن دون جدوى. والعاطل ليس كل من لا يعمل، فالتلاميذ والمعاقون والمسنون والمتقاعدون لا يتم عدهم عاطلين عن العمل. يعلل خبراء الإقتصاد ارتفاع معدل البطالة لعدة أسباب، فقد أوضح الأستاذ جعفر بوضياف، أستاذ جامعي في العلوم الاقتصادية، قائلاً:”إن إحدى الأسباب هي المعدلات المتزايدة للنمو السكاني، خاصة الفئة العمرية من 15-60 سنة، أي القادرة على العمل، والذي لا يتناسب مع فرص العمل الموجودة في ولاية أم البواقي، وذلك لضعف الإقتصاد الوطني ومعاناته من مشاكل جمة، كانعدام البني التحتية والذي أدى بدوره إلى ضعف الجهاز الإنتاجي، كما أن القطاع الخدماتي لا يقوم بمهامه بالمستوى المطلوب ولا يستقطب أيدي عاملة كثيرة”، كما أن انعدام الاستقرار الاجتماعي والسعى إلى تحسينه أدى إلى توجيه الميزانية المخصصة للولاية إلى هذا الجانب وصرف مبالغ هائلة لتحسينه، ما قلل حصة بقية القطاعات كالقطاع الاستثماري من ميزانية الولاية. الفساد الإداري والمالي من أسباب انتشار الظاهرة من الأسباب المهمة الأخرى الفساد الإداري والمالي المتفشي في الولاية كحال بقية ولايات الوطن، فاستناداً إلى تقارير رسمية محلية، فولاية أم البواقي ليست بمنأى عن سلسلة الفساد المالي والإداري في الجزائر. ومع أن مستوى الفساد الإداري والمالي انخفض نسبيًا، لكن هذا لا يعني أن تبعاته انتهت بل تتسبب سنوياً في هدر مبالغ طائلة من الموارد العامة. وبدلاً من استخدام هكذا أموال في المشاريع الاستثمارية والخدماتية ستتجه الأموال هذه إلى غير مكانها الأصلي. ولو رجعنا إلى الإستثمار في القطاع الخاص فإن قدرته على استقطاب اليد العاملة أقل من القطاع العام، وذلك لصغر وضعف المشاريع الاستثمارية الخاصة. الإدارة إبان الحزب الواحد ، بالرغم من كونها فاسدة سياسياً، لكنها كانت تدير شؤون البلاد بصورة متزمتة وتابعة لضوابط صارمة، كما أن الوضع الأمني كان مستقراً ولم يكن الحال كما هو عليه الآن. كما ظهرت حالة غير صحية في النظام الإقتصادي، هي أن المسؤولين عن الجانب الإقتصادي يوظفونه لتحقيق أهداف سياسية، ما لا يعالج قضية البطالة بصورة صحيحة ووفق أصوله الاقتصادية والعلمية والعملية. إحصائيات عدد العاطلين في أم البواقي غير دقيقة أوضح مصدر محلي مطلع بعالم الشغل أن الإحصائيات لعدد العاطلين في ولاية أم البواقي غير دقيقة، ”فوفقاً للعدد الناتج منذ أن بدؤوا بعملية الإحصاء، أي بين 1999و 2009، ولحد اليوم 33300 عاطل، وهذا غير صحيح. ففي دراسة أولية قامت بها مديرية التشغيل اتضح أنه منذ أن بدأ تسجيل العاطلين في أم البواقي في عام 1999 لم يتم التدقيق في صحة بطالتهم، فقد اعتقد بعض مالئي الإستمارات بأنها دعوة لكل من ليست له وظيفة وراتب، والكثير منهم كانت لهم وظائف في القطاع الخاص. كما سجل أن كثيراً من العاطلين هاجروا من الجزائر نحو وجهات خارجية مختلفة. وقد قررنا أن نبدأ بعملية إحصاء دقيقة لعدد العاطلين عن العمل على مستوى الولاية لنحصل على العدد الدقيق للعاطلين في أم البواقي”. أسباب أخرى للبطالة في أم البواقي أوضح ذات المصدر أن، في ولاية أم البواقي، أسبابا أخرى للبطالة، أهمها العاطل نفسه لا يقبل بأي عمل مقترح عليه، بل يطلب دائماً راتباً أكثر وعدد ساعات أقل.. فشبان الولاية، خاصة حملة الشهادات الجامعية العليا، يرفضون العمل في ما يسمى بالأعمال الصعبة أو الشاقة ويفضلون عمل المكاتب المكيفة على العمل الميداني. كما أن صاحب العمل في القطاع الخاص يفضّل الأيدي العاملة الرخيصة، لأن هذا النوع من العمال يتقاضى راتبًا صغيرًا، لكنه بالمقابل يؤدي عملة على أحسن وجه وبدون أن يتذمر أو يطلب إجازات كثيرة. مقترحات لحل مشكلة البطالة أشار الأستاذ الجامعي في العلوم الاقتصادية، جعفر بوضياف، إلى بعض المقترحات، منها”بداية لابد من تحقيق الإستقرار الأمني والإجتماعي، وبعدها العمل على تنمية البنى التحتية للإقتصاد الوطني، فمتى ارتكزت عجلة الاقتصاد على بنى تحتية قوية، استطاعت أن تحقق جهازًا إنتاجيًا قويًا وهذا سيفتح فرص عمل كثيرة للعاطلين عن العمل. ويضيف الأستاذ بوضياف أن الجزائر بلد غني بموارده النفطية والغازية وثرواته الباطنية. ولو قسمنا الإيرادات النفطية كرقم على عدد السكان في الجزائر المقدر ب34 مليون نسمة، سنراه أعلى مما هو عليه الآن بكثير. الأمل بمستقبل واعد مضى الأستاذ جعفر بوضياف، قائلاً: ”أنا ككل مراقب اقتصادي متفائلون بمستقبل اقتصاد الجزائر الذي بدأ يتعافى تدريجيًا، فالتحسن الأمني الذي يشهده الوطن، يشير إلى مستقبل أفضل في استقطاب الإستثمارات الأجنبية من جهة وعودة الكفاءات التي هجرت الجزائر من جهة أخرى”. تراجع نسبة البطالة من 30 إلى 14% لقد ساهمت أجهزة الدعم و مختلف البرامج التي وضعتها الدولة مساهمة فعالة في خفض والتقليل من نسبة البطالة بولاية أم البواقي، من خلال استحداث حوالي 20100 منصب شغل على مستوى عديد البرامج، فالصندوق الوطني للتأمين على البطالة ساهم في خلق 448 منصب شغل و 733 منصب وفر من طرف الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب، إضافة إلى قرابة ال650 منصب تم استحداثها خلال سنة 2009 في إطار الوكالة الولائية للقرض المصغر، وذلك من خلال سلسلة القروض الموجهة لدعم الشباب البطال، وتمكينه هو الآخر من إنشاء مؤسسات مصغرة و ورشات حرفية، منها أكثر من 120 منصب شغل دائم تم طرحها من خلال ما يُعرف بالقرض الثلاثي الذي يمكّن المستفيد من الإستفادة بقرض يتراوح بين 10 و 40 مليون سنتيم، وهي القروض التي استفاد منها 122 شاب من شبان الولاية مست 53 مشروعًا موزعة على ميادين عديدة من الحرف و البناء إلى الخدمات والفلاحة. إضافة إلى المناصب المطروحة ضمن القروض بدون فائدة، وهي القروض التي تم بواسطتها خلق 530 منصب شغل بحصة مؤقتة موزعة، هي الأخرى، في عديد المجالات، يضاف إليها 270 منصب خاص بمحلات رئيس الجمهورية في إطار برنامج 100 محل في كل بلدية. وقد بلغت نسبة تشغيل مختلف شرائح المجتمع في قطاع الصناعة، في غضون سنة واحدة، 60 % بما مجموعه أكثر من 12900 منصب في وقت سجلت قطاعات التجارة، الإدارة و الخدمات نسب قدرت ب38% بمجموع مناصب تجاوز 73900 منصب، لتأتي بعد ذلك قطاعات الفلاحة بنسبة 32% ، والأشغال العمومية بنسبة 24% في الوقت الذي بلغ فيه عدد البطالين خلال السنة الماضية 2009 حوالي 33300 بطال، وهو العدد الذي استقرت عنده نسبة البطالة 14.46% بعد أن ظلت في السنوات القليلة المنقضية تتجاوز هذا الرقم بكثير ولامست في بعض الأحيان سقف ال40% .