صادق البرلمان يوم الثلاثاء الماضي، على قانون المالية التكميلي، الذي يندرج في سياق السياسة الاقتصادية التي بوشرت سنة 2009، من خلال إعادة النظر في شروط الاستيراد وتطبيق القرض المستندي كوسيلة وحيدة لتسوية الواردات، بالإضافة إلى التحديد الدقيق لشروط الاستثمار الأجنبي المباشر. نعلم مسبقا أن قانون المالية التكميلي الجاري العمل به تم إعداده في سياق الوطنية الاقتصادية وتعزيز الحماية الاجتماعية ودعم المؤسسات التي تعتبر الوسيلة الأساسية لخلق الثروة، ويؤكد نفس القانون جميع ما تضمنه مجلس الوزراء المنعقد يوم 25 أوت، وخاصة البنود الرئيسية الثلاثة التي تضمنها القانون: - دعم التنمية الاقتصادية. - حماية مصالح الاقتصاد الوطني. - الحماية الاجتماعية والتنمية البشرية. 1 - دعم التنمية الاقتصادية: يمكن الوقوف على ثمانية إجراءات ضمن قانون المالية تصب كلها في سياق دعم التنمية الاقتصادية: أ - تعزيز الإجراء المتخذ سنة 2009 المتعلق بالقرض المستندي كوسيلة وحيدة لتأطير الواردات بغرض عقلنتها، وهو ما وجد في قانون المالية بعض الإجابات وأهمها الإعفاء الجزئي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة من اللجوء للقرض المستندي، عند استيراد قطع غيار أو مدخلات أساسية لنشاطاتهم، في حدود لا تتعدى 200 مليون سنتيم سنويا (وتعفى أيضا من القرض المستندي الشركات المنتجة، التي تستورد قطع غيار ومدخلات) على أن تستوفي شرطين، وهما: أن تكون الواردات على صلة مباشرة بشروط الإنتاج. - أن لا تتجاوز 200 مليون سنتيم. ب - إلغاء الرسم على النشاط المهني، بالنسبة للإنتاج المحلي للأدوية. ج استفادة الشركات الاستراتيجية من ضمان الدولة بالنسبة للقروض التي تحصل عليها تلك الشركات لاستثمارها في عمليات تحديث. على أن تتحمل الدولة فوائد تلك القروض خلال مرحلة تأجيل موعد السداد. د - ضمان الدولة للقروض التي تحصلها المؤسسات الخاصة في إطار صندوق ضمان القروض. ه - إحداث رسم على استيراد الشاحنات وآليات الأشغال العمومية، من أجل تشجيع الإنتاج الوطني. و السماح مجددا باستيراد وحدات إنتاج يتم تجديدها. بهدف تشجيع الإنتاج الوطني وتشجيع ترحيل نشاطات الشركات الأجنبية نحو الجزائر. ي فرض رسم على القمح الصلب كلما تجاوز سعره ما يتم منحه للمنتجين المحليين. وأخيرا حدد القانون رسما بسيط للتنازل على العقار الفلاحي (150 ألف دج للهكتار للأراضي المسقية). 2 حماية مصالح الاقتصاد الوطني: تم اتخاذ أربعة إجراءات لحماية مصالح الاقتصاد الوطني: أ حق الدولة في السيطرة مجددا على الأصول العمومية المتنازل عنها في سياق الخوصصة، في حال عدم الالتزام بشروط العملية. ب حق الشفعة لكل الأصول التي يريد مستثمرون أجانب التخلص منها أو بيعها في الخارج، واعتبار ذلك لاغيا. ج للفوز بصفقة في الجزائر، يجب التزام الشركات الأجنبية بإقامة استثمار محلي بالتعاون مع شركاء محليين. كما أن دفتر الشروط الخاص بالمناقصات، يلزم على المكتتبين الأجانب الاستثمار في نفس مجال النشاط مع شركة محلية يملك أغلبية رأسمالها مواطنون مقيمون. د كما ينص القانون على السماح للحكومة بتوسيع الرسوم على الأرباح الاستثنائية المطبقة حاليا على القطاع النفطي إلى قطاعات أخرى (وخاصة الأرباح التي تحقق في ظروف استثنائية خارج قطاع النفط، بمعدلات تتراوح بين 30 و80 بالمائة). 3 الحماية الاجتماعية والتنمية البشرية: في هذا المجال، تم رصد غلاف مالي يناهز 1000 مليار دج تحت عنوان مساعدة المؤسسات الصحية، ومساعدة صندوق التقاعد، ودفع منح المتقاعدين، ودعم أسعار القمح، والحليب والماء، وتقديم مساعدات للأطفال المتمدرسين من عائلات فقيرة، ورفع منح الطلبة والممتهنين، وتعويض ضحايا الإرهاب. القانون التكميلي يؤكد هذا التوجه نحو الحماية الاجتماعية، والتركيز على ثلاثة إجراءات جديدة: أ إعفاء منح المتقاعدين من الرسوم، لكل المنح التي لا تتجاوز 20 ألف دج شهريا. ب تكفل الدولة بمجانية الكهرباء للأسر والنشاطات للأسر في الجنوب والهضاب العليا. ج تيسير فوائد القروض الخاصة بالحصول على سكن في الجنوب والهضاب العليا. ولاختصار التوجه العام لروح قوانين المالية التكميلية للعامين الماضي والجاري، يمكن حصر ذلك في 6 نقاط رئيسية، تسمح بفهم التوجه الجديد للسياسة الاقتصادية الجزائرية: 1 هناك برنامج لبناء اقتصاد سوق منظم واجتماعي. 2 الدولة شرعت في استعادة دورها الفعال. 3 موقف الحكومة تجاه الاستثمارات الأجنبية يقوم على أساس حماية المصالح الاقتصادية الوطنية. 4 الدولة تريد مراقبة وضبط الواردات، حتى وإن كانت مداخيل البلاد المالية في تطور متواصل. 5 الشركات الاقتصادية العمومية، التي ساد الاعتقاد بأن الدولة أهملتها، تم العودة إلى الاهتمام بها واستفادت "المؤسسات الاستراتيجية" من مساعدات مالية هامة. 6 القطاع الاقتصادي الخاص استفاد هو الآخر من متابعة دعم هام. وفي نهاية اجتماع مجلس الوزراء تمت المصادقة على القانون التكميلي، مع تأكيد رئيس الجمهورية، على وزرائه "على الحرص الشديد على ترشيد النفقات العمومية وتطوير الخدمة العمومية"، مشددا على أنه "يجب تجنب توريث الأجيال القادمة مديونية عمومية ثقيلة". وبخصوص برنامج التجهيز، حمّل الرئيس كل قطاع "بالحرص على إتمام المشاريع في وقتها وتجنب كل عمليات إعادة التقييم"، وأمر وزير المالية بعدم تسجيل مشاريع جديدة إلا في حالة الانتهاء من دراستها الجيدة والموافقة عليها، وأضاف الرئيس "أن القانون التكميلي يعكس ضغطا كبيرا على ميزانية الدولة، في الوقت الذي قررت الكثير من الدول برامج تقشف شديدة، مما يجعل هذا القانون تحديا حقيقيا للحفاظ على ديناميكية التنمية والاجتماعية التي شرعت فيها الدولة منذ عشرية، أعقبت عشرية عصيبة".