بعد أيام من موافقة مجلس الشيوخ عليه ”بأغلبية ساحقة”، أقر المجلس الدستوري في فرنسا بصفة نهائية القانون الجديد الذي يحظر ارتداء ”البرقع” أو ”النقاب” في الأماكن العامة لتصبح فرنسا بذلك ثاني دولة أوروبية تحظر النقاب بعد بلجيكا واعتبر المجلس الدستوري في بيان له أن منع حجب الوجه في الأماكن العامة لا يعني التضييق على ممارسة الحرية الدينية في أماكن العبادة المفتوحة للجمهور”. وأضاف البيان: ”تلك الحالة ستشكل انتهاكا مفرطا للمادة 10 من إعلان 1789 المتعلق بالحريات الدينية، وعليه أعلن المجلس تحفظا على هذه النقطة”. واختتم قائلا: ”على الرغم من هذا التحفظ، اعتبر المجلس الدستوري القانون المحال إليه متوافقا مع الدستور”. ويفتح القرار السابق الطريق أمام اعتماد القانون، لكن حظر النقاب لن يصبح ساريا سوى في ربيع 2011 بعد فترة تمهيدية من ستة أشهر ينبغي أن تتخللها مساعي التوسط والتوعية. وكان 246 من أعضاء مجلس الشيوخ ”الغرفة العليا في البرلمان الفرنسي” صوتوا لصالح القانون في 14 سبتمبر الماضي مقابل اعتراض واحد وامتناع 100 من أعضاء المجلس وذلك بعد مصادقة الجمعية الوطنية ”الغرفة السفلى” بالإجماع لصالح القانون في 13 جويلية الماضي. وفيما تم إقرار القانون من أعلى سلطة دستورية في فرنسا، وصف معارضون الخطوة بأنها تتعدى على الحريات الشخصية لأنها تمنع ارتداء أنواع معينة من الملابس. صحيح أن فرنسا التي يوجد فيها نحو 1900 امرأة تضع النقاب أو البرقع بحسب التقديرات الرسمية تعتبر ثاني بلد أوروبي يفرض هذا الحظر بعد بلجيكا كما أن اسبانيا وهولندا وسويسرا تفكر باتخاذ إجراء مماثل، إلا أن بعض خبراء القانون كشفوا أن فرنسا قد تعرض نفسها لإدانة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي تعتبر أن لكل شخص الحق في العيش وفقا لمعتقداته ما دامت لا تؤذي الآخرين. ويقضي القانون الجديد الذي أثار جدلاً واسعاً في فرنسا التي تضم أكبر جالية إسلامية في أوروبا بمعاقبة المخالفين بغرامة مالية قدرها 150 أورو، أي حوالي 190 دولار والخضوع لبرنامج تدريبي على المواطنة أو أي من العقوبتين. كما يتضمن القانون معاقبة كل من يجبر امرأة على ارتداء النقاب بالسجن لمدة عام أو غرامة مالية تقدر ب15 ألف أورو أي حوالي 19 ألف دولار. وجاء تبني الحكومة الفرنسية للقانون الجديد رغم تحذير مجلس الدولة الذي يقدم المشورة القانونية لها من أن حظر ارتداء النقاب قد يتعارض مع القانون الدولي لحقوق الإنسان كما يتناقض مع دستور الجمهورية الفرنسية. كما دعت منظمة العفو الدولية ”أمنستي” المشرعين الفرنسيين إلى عدم الموافقة على مشروع القانون، قائلة: ”إن الحظر الكامل على تغطية الوجه يتناقض مع حقوق حرية التعبير والعقيدة لهؤلاء النساء اللاتي يرتدين النقاب في الأماكن العامة”.