تكاد أيام العطلة الشتوية تنقضي، وتنقضي معها أيام راحة التلاميذ الذين بذل كل منهم ما يستطيع من جهد خلال الفصل التعليمي الأول من السنة الدراسية الحالية، غير أن هذه الأخيرة لا تعدو كونها للعديد منهم مجرد أيام توقفوا فيها عن الإلتحاق بمقاعدهم لمدة أسبوعين فالعطلة بالنسبة لهؤلاء لعب في أزقة أحيائهم على أكثر تقدير، في حين تعني للبعض الآخر فرصة أخرى للتحضير لامتحانات نيل شهادات نهاية الدراسة في الأطوار التعليمية الثلاثة. وقد تكون لمن ينتمون إلى وسط اجتماعي آخر رديفة لخرجات عائلية للترفيه والترويح عن النفس استعدادا لمواجهة الفصل الثاني من الدراسة. بعض تلاميذ الطور الابتدائي مثلا لم ينعموا إلا بأسبوع واحد من العطلة، بعد أن واصلوا الدراسة في الأسبوع الأول منها لتدعيم جعبتهم بما يساعدهم على تجاوز مرحلة التعليم هذه والإنتقال للطور المتوسط. على غير العديد من أقرانهم، فهم يعلمون علم اليقين أن لا فرصة أمامهم للحلم بالسفر أوالقيام بأشياء من شأنها أن تجعل عطلتهم عطلة حقيقية، فهناك من الأولياء من لا يمكنه تحمل أعباء تلك الرحلات، أو أنها ببساطة لا تدخل في كلمات قاموسه المعيشي ونمط حياته لأسباب أولأخرى. أما ما يعيق مخططات الأولياء الذين يمتلكون قناعات راسخة باستغلال أيام العطل المدرسية لصالح الأبناء، خاصة الموظفين منهم، فهو فخ التوقيت بالنظر إلى عدم توافق أيام عطلة أبنائهم مع عطلتهم، و التي يفضلون الإحتفاظ بها لأيام الصيف الحارة أولفترة “العطلة الكبيرة” على حد تعبير رامي، 8 سنوات، الذي قال لنا: “بابا لا يمكنه أن يأخذنا في رحلات خلال عطلة الشتاء، لكنه يفعل ذلك في العطلة الكبيرة عندما يكون هو أيضا في عطلته”. وعن الأمر ذاته، قال لنا رابح، أب لثلاثة أطفال من مدينة الورود، إنه يرغب في تلبية رغبات أبنائه بالذهاب في عطلة مفتوحة خلال هذه الفترة لكن ظروف عمله تحول دون ذلك، ليكتفي بعطلة نهاية الأسبوع لمرافقتهم إلى أعالي الشريعة للتمتع بمناظرها الخلابة، مضيفا: “رغم قصر فترات راحتي إلا أنني أفضل أن أقضيها مع أولادي، وقد توافق الأمر هذه السنة مع تساقط الثلوج التي ميزت العديد من جهات الوطن خلال الأيام القليلة الماضية، فيما أعطت للشريعة رونقا وجمالا لا يمكن أن نجده في أي مكان آخر”. وبين هذا وذاك، تبقى فرصة التنقل إلى بيت الجدين أهم ما يتقاسمه جل أبنائنا خلال العطل المدرسية، فغالبية الوالدات يفضلن التنقل إلى منازل أوليائهن لقضاء أيام العطلة التي تكون لصالحهن في المقام الأول، بعد أن يكن قد انقطعن عن المبيت في البيت العائلي بسبب ظروف تمدرس أبنائهن. وقد يعوض فلذات أكبادنا هذا الكثير مما فاتهم من مرح في العطلة، حيث سيكونون على موعد مع أقرانهم من الأقارب، فأبناء الخالات والخال وأبناء العمومة يلتقون في محيط العائلة، لتبدأ معها مرحلة التباهي حول من حصل على أعلى الدرجات.. ولضرب موعد جديد في العطلة الربيعية.