لم تخل سنة 2010 من مشاكل مست بطون الجزائريين، حيث صادف بداية شهر رمضان عملية بحث مكثفة عن دول لاستيراد اللحوم منها تكون الأقل تكلفة، لتتناسب وجيوب المواطنين الذين عاشوا أياما عجافا أخرى تمثلت في نقص فادح في حليب الأكياس الذي تطلب توفيره عقد اجتماعات وتبادلا للتهم، قبل أن ينقذ موقف الفاتورة الغذائية التي لا تزال تمثل نقطة سوداء في يوميات الاقتصاد الجزائري دخول أو بالأحرى عودة الجزائر إلى مصاف الدول المصدرة للقمح، بعد أن ظلت لسنوات من الأوائل المستوردة لهذه المادة. حليب الأكياس يختفي من المحلات التجارية سواء كان ذلك بسبب ندرة الغبرة الموجهة لإنتاجه أو لسوء توزيع أو أي أمر آخر، عاش الجزائريون أزمة حقيقية أجبرت الكثير منهم على ربط صلاة الفجر بالتوجه إلى محلات المواد الغذائية للظفر بكيس حليب. تضاربت تصريحات المسؤولين المباشرين على قطاع الحليب حول الأسباب الحقيقية لغياب حليب الأكياس من السوق، وأرجعه أغلبها إلى سوء تسيير وتوزيع ما دامت كمية الغبرة المستوردة والمخصصة، إلى جانب أن نسبة من الحليب الطازج لإنتاج حليب الأكياس بالملابن الخاصة والعمومية قد ارتفعت خلال سنة 2010 لتنتقل من 121 ألف طن خلال سنة 2009 إلى أكثر من 135 ألف طن في السنة التي تلتها. وكانت الأزمة مناسبة ليتعرف وزير الفلاحة السيد رشيد بن عيسى على مدى مصداقية الأرقام التي تقدمها له الإطارات العاملة معه، حيث أن ما كان يتلقاه الوزير مثلا عن ولاية تيزي وزو من تقارير أشارت كلها إلى كونها الولاية رقم واحد وطنيا في تربية الأبقار الحلوب، وجمع الحليب الطازج لتزويد الملابن به، إلا أن المنطقة كانت أكبر الولايات تضررا من نقص حليب الأكياس، ليثور الوزير ويقولها بالفم المليان أنه لن يثق مستقبلا في أرقام إطارات وزارته. ولكون غبرة الحليب المستوردة مدعمة من طرف الدولة عندما يتعلق الأمر بتوجيهها لإنتاج حليب الأكياس، فإن الأمر غير ذلك لما تتحول إلى جبن أو علبة ياغورت ما دام منتجها وبائعها يبيعها بسعرها الحقيقي، وهنا مربض الفرس حيث تتحايل الملابن لتحول المادة المدعمة لتصنع بها منتوجات أخرى حتى يكون هامش الربح أكبر. الجزائريون يكتشفون لحوم الهند وقبلها بأسابيع عرفت الجرائد وكافة المساحات الممكنة للنقاش سيطرة موضوع يتعلق بالبطن أيضا، تمثل في مدى حلال اللحم الهندي من عدمه، وهو الموضوع الذي أسال حبرا كثيرا قبل أن يمر منتوج الأبقار الهندية المعبودة في بلادها مرور الكرام في الأسواق، وبين قائل أن هذه الأبقار كبيرة في السن وحولت إلى بيوت للشيخوخة لحرمة ذبحها في الهند، إلى قائل أنها استوردت خصيصا من مقاطعات تدين بالإسلام، احتار الجزائري في مشروعية استهلاك هذا اللحم، خاصة وأنهم كانوا يمنون أنفسهم بتناول اللحم السوداني خلال شهر رمضان المعظم، وهي اللحوم التي لم تتمكن من إيجاد مكان لها في السوق الجزائرية والسبب يبقى مجهولا، اللهم إلا أحاديث عن لوبيات تحتكر استيراد مثل هذه المواد، والتي تكلف أشخاصا بنشر شائعات عن أي منتوج سينافس ما تستقدمه إلى السوق. الحبوب تنقذ الموقف لحسن الحظ لم يكن موضوع غذاء الجزائري سلبيا على طول الخط خلال السنة التي ستنقضي خلال سويعات، حيث حققت الجزائر قفزة نوعية بانتقالها من داخل دائم إلى البورصة بغرض الاستيراد، إلى باحثة عن أسواق تصدر نحوها الفائض المحقق من إنتاج الشعير، بعد مرور 43 سنة كاملة على تاريخ آخر شحنة خرجت من الجزائر لتباع لبلد آخر. وغادرت يوم 08 جويلية أول باخرة جزائرية ميناء العاصمة متجهة نحو تونس، وهي محملة بعشرة آلاف طن من الشعير بعد أن كانت نتائج الموسم الفلاحي ممتازة مكنت من الوصول إلى سقف 62 مليون قنطار من كافة أنواع الحبوب، 21 مليون قنطار منها كانت شعيرا خالصا، ولكون الحبوب الجزائرية معروفة بجودتها الرفيعة فان ديوان الحبوب لم يجد أية صعوبة تذكر في تسويق وتصدير 100 ألف طن من الشعير، تم بيعها على أساس أكثر من 135 دولار للطن الواحد، رغم أن أسعار الشعير أيامها لم يتجاوز 120 دولار للطن في البورصات العالمية. لتدخل الجزائر من جديد نادي مصدري الحبوب الذي غادرته منذ أكثر من أربعين سنة، اعتمدت فيها على ما تنتجه مزارع أمريكا وروسيا وفرنسا وبلدان أخرى لا تمثل مساحتها ولاية جزائرية كبرى، بعد أن كانت الجزائر قبل عقود من الزمن تضمن غذاء عدة دول في أوربا.