شهد عام 2010 حراكا تاريخيا ووطنيا قويا بعد إقدام النواب وجمعيات المجتمع المدني وكل طبقات الشعب على المطالبة بتجريم الاستعمار الفرنسي وضرورة التعويض والاعتذار على كل الجرائم المرتكبة لأكثر من 132 سنة ضد الجزائر أرضا، بيئة، ثقافة وشعبا، موازاة مع اشتداد العلاقات الثنائية بين الجزائر وباريس توترا. ولا يمكن الحديث عن ملف تجريم الاستعمار، دون أن نقفز إلى أهم حدث أثار جدلا واسعا في الطبقة السياسية والأسرة الثورية، وأسال الكثير من الحبر في موضع الحقائق التاريخية الذي لا زال بدوره محل تعارض بين من يريد كشف المستور عن الثورة التحريرية، وبين من يرفض فضح الممارسات التي تشوه عظمة صانعيها، أو اغتصاب قدسيتها، وكان الحدث، صدور كتاب لسعيد سعدي، رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، بعنوان “عميروش.. حياة، موتتان ووصية”، الذي شكك كاتبه في مقتل العقيدين عميروش وسي الحواس، وحمل اتهاما للرئيس الأسبق هواري بومدين وعبد الحفيظ بوصوف، بالتورط في تصفيتهما من قبل الجيش الفرنسي، بعد الوشاية بهما. وكان آيت حمودة نائب الأرسيدي وابن العقيد عميروش، وراء تأليف الكتاب المثير للجدل، فهو الذي قدم لسعيد سعدي، وثائق قال إنها من الأرشيف الفرنسي، تشكك في تورط قيادة الثورة في تصفية والده ورفيقه سي الحواس، وهي المصادر التي قللت من مصداقية الكتاب، بالنسبة لكثير ممن انتقدوه من رجال السياسية أو بعض الوجوه التاريخية، لعدم اعتماده على شهادات حية مختلفة حول حادثة اغتيال الرجلين. ومن جهة أخرى، لقي الكتاب رفضا واسعا، من قبل بعض الأطراف، وخاصة من قبل قائد الولاية الثالثة التاريخية، والرئيس الأسبق، علي كافي، باعتباره الشاهد الرئيسي في قضية استدعاء الحكومة المؤقتة عقداء الداخل لاجتماع في تونس في جوان 1959 والذي بسببه استشهد عميروش، في مساهمة نشرها عبر عناوين صحفية، منها “الفجر”، على خلفية أن كاتبه لم يعش تلك المرحلة، وأنه يحاول الإساءة لقيادة الثورة أو الانتقام من بعض الوجوه تحقيقا لمصالح سياسية جهوية ضيقة بعد فشل مشروعه السياسي في استقطاب سكان المنطقة.