أكد الخبير الاقتصادي، فارس مسدور، أن الجزائر تخسر أكثر مما تجني من اتفاق الشراكة المبرم مع الاتحاد الأوروبي، بدليل أنها سجلت خسائر قدرها وزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار، محمد بن مرادي، بنحو 70 مليار دولار خلال العام الماضي نتيجة الإعفاء الضريبي المقدم في إطار الاتفاق. أوضح الخبير وأستاذ الاقتصاد بجامعة سعد دحلب بالبليدة، في تصريح ل”الفجر”، أنه يتعين على الحكومة إعادة النظر في اتفاق الشركة مع دول الاتحاد الأوروبي لأن الجزائر حاليا يمكنها التفاوض مجددا من منطلق قوة بفضل البحبوحة المالية التي تتمتع بها منذ العام المنصرم والتي لم تكن متوفرة في الوقت الذي تم التوقيع فيه بالأحرف الأولى على الاتفاقية، خاصة وأن أبعاده أمنية وثقافية أكثر منه اقتصادية. وأشار مسدور إلى أنه يتفق مع الوزير بن مرادي على أهمية دعم الحكومة للصناعة المحلية بشكل يجعلنا قادرين على منافسة الأجانب، موضحاً أن إنعاش الصناعة المحلية لابد أن يقوم على استثمارات الدولة وعلى مساهمة المؤسسات الوطنية العمومية والخاصة بمختلف فئاتها ومختلف المتعاملين الاقتصاديين المحليين والأجانب، لأن البرامج المكثفة التي طبقتها الحكومة لم تحقق نسبة النمو المنتظر. وأضاف الخبير مسدور أن دول الاتحاد الأوروبي تعد المستفيد الأول من الاتفاقية التي تقدم امتيازات وإعفاءات ضريبية معتبرة لإغراق أسواقنا بمنتجاتها، ما يؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني عموما ونشاط المؤسسات الصغيرة والمتوسطة خصوصا، حيث تجد نفسها نتيجة نقص الخبرة غير قادرة على منافسة المنتجات الأوروبية، مشيرا إلى أن المال وحده لا يكفي لتأهيل المؤسسات المحلية، في إشارة منه إلى البرنامج الوطني الذي يتضمن تخصيص 380 مليار دولار لإعادة هيكلة عدد لا بأس به من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مشددا على أهمية تكوين الإطارات بشكل يجعلهم قادرين على ضمان عملية نقل التكنولوجيا الأجنبية وتطبيقها محليا، من أجل إحداث نقلة نوعية في القطاع، فالشراكات التي من شأنها أن تضمن نقل تكنولوجيا الإنتاج في الصناعات التحويلية والغذائية وكذا التكنولوجيا التي تستغل إمكانات البلاد الفلاحية لا يمكن التغاضي عنها، داعيا أرباب العمل والمؤسسات إلى إعطاء أهمية أكبر للاستثمار في الموارد البشرية كونها تعتبر الرأسمال الحقيقي للشركات. وأضاف مسدور في تحليله لتصريحات الوزير بن مرادي بشأن الاستثمار المنتج، أنه من الضروري الانتقال من الكم إلى النوع، من خلال العمل على تطوير قدراتنا الإنتاجية وإدخال التكنولوجيات المتطورة في مختلف القطاعات الإنتاجية والصناعية. وهو ما يحيل إلى ضرورة تجديد الفكر المؤسساتي في بلادنا حتى تكون مؤسسات تساهم في ترقية الصادرات خارج المحروقات، خاصة وأن الجزائر تعتمد في الوقت الراهن على الاستهلاك وليس على الإنتاج رغم كافة البرامج المسطرة من قبل الحكومة لتطوير قدرات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، في مجال التصدير بهدف ترقية الصادرات خارج إطار المحروقات، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة الرقي بنوعية ما نستورده، فيجب استيراد ما لا ننتجه وما لا يدمر مؤسساتنا، كما أردف مسدور أنه لتحقيق الاكتفاء الذاتي لا بد من استحداث مؤسسات شبانية، وهو ما سيفتح الباب حسبه لإمكانية ترقية تجارتنا الخارجية والتقليل من الاعتماد الكلي على عائدات المحروقات.