أصبحت الخدمات الصحية المقدمة على مستوى عديد المراكز الطبية بباتنة محل انشغال المواطنين وتذمرهم، حيث تزايدت الشكاوى من البلديات والدوائر من الحالة المتردية للهياكل الصحية وافتقارها للوسائل الضرورية للتكفل الطبي، وقلة الموارد البشرية التي تضمن نوعية ودوام الخدمة، فضلا عن سوء التنظيم والاستقبال، ما أبقى على بعض المنشآت هياكل بلا روح رغم الملايير التي ضخت لدعم القطاع بالولاية فعلى مستوى دائرة بريكة، ذات التعداد السكاني الثاني بعد عاصمة الولاية، يطالب المرضى ومرتادو مستشفى محمد بوضياف بتشديد الرقابة على مواعيد دوام الأطباء المختصين الذين أصبح غيابهم أو تأخرهم في أحسن الأحوال عن مختلف مصالح المستشفى أمرا مألوفا، ما سبب متاعب جمّة للمواطنين الذين يقضون الساعات الطويلة في انتظار قدوم الأطباء، وهو ما لا يتناسب مع الحالات الخطيرة والمستعجلة وتسبب الوضع في تكوين طوابير طويلة من طالبي العلاج أمام أبواب قاعات العلاج بالمستشفى الذي يفترض أن يغطي حاجات الاستشفاء بالدائرة وكثير من البلديات المجاورة مثل الجزار وعزيل عبد القادر وبيطام وحتى بلدية امدوكال، ويستقبل حالات مستعجلة يوميا تقريبا ناجمة عن حوادث المرور المسجلة بالطرقات القريبة من بريكة، وأكد لنا أحد المرضى أن الممرضين كثيرا ما ينوبون عن الأطباء في إجراء الفحوصات وهي مهام لا تتلاءم مع تكوينهم ولا تخلو من خطر على المرضى. وأمام هذه الوضعية أصبح لزاما على المواطنين اللجوء إلى مستشفى باتنة مباشرة للعلاج. ويكاد الوصف ينطبق بمستشفى دائرة عين التوتة رغم تجهيزه بوسائل متطورة استنفدت الملايير من الخزينة غير أنه لا يقدم الدور المرجو منه في الخدمة الصحية. مواطنو عزيل عبد القادر في رحلة البحث عن حقنة وغير بعيد عن دائرة بريكة يعيش مواطنون ببلدية عزيل عبد القادر معاناة حقيقية، جراء تردي الخدمات الصحية وغيابها تماما على مستوى المشاتي والقرى رغم أنها استفادت في إطار المخططات التنموية السابقة من مستوصفات وعيادات متعددة الخدمات بقيت خارج إطار الخدمة لأسباب غير واضحة، حيث وقف الوالي في زيارته الأخيرة إلى البلدية على قاعة العلاج المتواجدة بمشتة أولاد محمد، حيث يطالب مئات السكان بفتحها بعد استكمال الأشغال بها منذ أربع سنوات ظلت خلالها مغلقة. وقد أعرب المواطنون عن حاجاتهم الملحة لهذا المرفق الهام، خصوصا ما تعلق بالإسعافات الأولية والتكفل السريع بالجرحى، كما أن العيادة المتواجدة بمركز البلدية لا تتوافر على المداومة الليلية، بل إن الأطباء وحتى الممرضين يغادرون على الساعة الخامسة مساء، وعلى من يأتي لاحقا أن يتوجه إلى دائرة بريكة ويقطع أكثر من 25 كلم. وقد خصت إحصائيات طبية أخيرة بباتنة البلديات والمناطق الجنوبية بالإشادة لكونها تنفرد بتسجيل حالات مرضية معينة بنسب كبيرة تبعا لمناخها الجاف والحار، وغياب ثقافة الوقاية لدى غالبية قاطنيها، لا سيما بالمناطق النائية والمشاتي. وتتضح الفكرة إذا علمنا أن بلدية بريكة والجزار، مثلا، تعد مرتعا خصبا لوباء التهاب الكبد الفيروسي ومرض “الليشمانيا الجلدية” الذي تناولته “الفجر” في عدد سابق، وهو ما يحتم على الجهات الوصية توفير الوسائل المادية والبشرية اللازمة والأدوية المضادة لبعض الأمراض التي تظهر في هذه المناطق بشكل لافت دون غيرها، فضلا عن حالات التسمم العقربي التي تسجل على مدار فصل الصيف وارتفاع الحرارة، وباتت تشكّل هاجسا حقيقيا للسكان، الذين عادة ما يصطدمون بغياب أو ندرة المصل المضاد بالمستشفيات والعيادات، ما يتطلب في السنوات السابقة تحويل العديد من الحالات إلى مستشفى باتنة الجامعي. “نافلة” تطالب بترميم العيادة و”تكوت” تنتظر إنجاز المستشفى جدّد سكان بلدية نافلة، التابعة لدائرة مروانة بباتنة، مطالبهم إلى السلطات الولائية خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها الوالي إلى البلدية بإعادة الاعتبار للعيادة ووضع حد لتنقل السكان إلى المناطق المجاورة طلبا للعلاج هروبا من تردي الخدمات الصحية وحالة الفوضى واللامبالاة بالمرفق الذي يقدم خدماته لأزيد من 3000 نسمة، حيث ظهرت على هيكله الخارجي تصدعات وتشققات، وعدم احترام المعايير التقنية بربطه بشبكة الصرف الصحي، فضلا عن انعدام الوسائل الضرورية للعلاج. وقد وجه الوالي تعليمات للسلطات المحلية بأخذ انشغال المواطنين بعين الاعتبار، ومباشرة أشغال الترميم بالعيادة المذكورة، وهو ما يعلق عليه المواطنون آمالا كبيرة للتخلص من معاناة طال أمدها. وبالمقابل، فإن بلدية تكوت، ذات التضاريس الجبلية الوعرة، التي أثرت سلبا على مد شبكة الطرقات وأبقت على الكثير من القرى والمشاتي في حالة عزلة وزادت من حاجة البلدية إلى مرفق صحي يتكفل بتقديم خدماته إلى سكان بلغ عددهم 11100 نسمة، غالبا ما يضطرون إلى التنقل إلى بلديات بسكرة مثل مشونش للقيام بالفحوصات والتحاليل الطبية لانعدام مستشفى بتكوت، حيث ينتظر السكان أن تستكمل الأشغال سريعا في مشروع المستشفى المسجل بالبلدية رغم وتيرة الأشغال المتباطئة التي لم تتجاوز مرحلة حفر الأساسات، بعد تخصيص مبلغ 600 مليون دينار للبناء واقتناء التجهيزات اللازمة لاستيعاب 60 سريرا، وهي طاقة رآها العديد من المواطنين قليلة بالنظر إلى التعداد السكاني للبلدية وما تضمّه من مشاتي مثل تاغيت والقصر وشناورة. جدير بالذكر أن مدير الصحة بالولاية الذي لم ينف النقائص المسجلة أوضح أن قطاعه استفاد خلال الخماسي الماضي من 14 مليار دينار لإنجاز عديد المشاريع لم تقض تماما على حاجات المواطنين للمرافق الصحية وتجهيزها بالعتاد الضروري، وينتظر مواطنون بمناطق كثيرة من الولاية أن ترفع مشاريع الخماسي الجاري الغبن عنهم في الشأن الصحي بعد تسطير عديد البرامج لإنجاز المستشفيات بكل من بلدية ثنية العابد وآريس وروس العيون مع إعادة الاعتبار لقاعات العلاج عبر بلديات باتنة ال 61.