أكد عدد من الحرفيين في مجالات مختلفة ل”الفجر” أن قطاع الصناعة يعرف ركودا كبيرا رغم جهود الدولة لترقية التصدير خارج المحروقات، وربط هؤلاء أسباب هذا الركود بارتفاع الرسوم الجمركية المفروضة على المواد الأولية المستوردة وفرض ضرائب مرتفعة على المصنعين ما يجعلهم يصرفون نظرا عن الإنتاج والتوجه مباشرة نحو الاستيراد الذي تعد أرباحه أكثر ضمانا. وطالب هؤلاء بضرورة تخفيض الرسوم الضريبية المفروضة لتمكين الشباب البطال من مباشرة مشاريع صناعية مصغرة. شدّد عدد من الحرفيين الناشطين في الصناعات الخفيفة كأدوات صناعة الحلويات، مستلزمات التزيين، تحويل المواد البلاستيكية، وصناعة قطع البوليستار المخصصة للسيارات على ضرورة توفير المادة الأولية محليا خاصة في ظل الثروات الطبيعية التي تزخر بها بلادنا، وأكد هؤلاء بهذا الصدد أن معظم الحرفيين يواجهون صعوبة كبيرة للحصول على المادة الأولية في ظل انعدامها في الجزائر، خاصة مادة البوليستار التي تدخل في صناعة النسيج، والألومنيوم، والإينوكس وغيرها ما يجبرهم على اقتنائها كنفايات من أصحاب المصانع الكبرى وبأسعار جد مرتفعة بعدما كانت ترمى في أكياس القمامة. وأشار محدثونا إلى أنه عادة ما ترفض المؤسسات العمومية التعامل معهم بحجة تعاملها مع المؤسسات العمومية فقط، وهو ما تسبب في إفلاس عدد كبير من الحرفيين وفقدان عدد لا بأس به من مناصب الشغل التي كان يؤمّنها هؤلاء عبر ورشاتهم. كما طالب هؤلاء الحرفيون الحكومة إعادة النظر في الضرائب المفروضة عليهم، كإعفائهم لمدة تتراوح ما بين 3 و5 سنوات من دفع الرسوم الجبائية كحل أو فرض رسوم جبائية محددة يدفعها هؤلاء سنويا لتشجيع الصناعة في بلادنا. صناعة النسيج قُتلت على أيدي ”الشناوة” وأوضح لنا في هذا الصدد، عمور، مالك إحدى ورشات الغزل والنسيج بالجزائر العاصمة، أن من بين أهم المشاكل التي تواجه صناعة النسيج في الجزائر هي نقص فعالية أجهزة الدولة فيما يتعلق بفرض الرقابة على المنتجات المستوردة من الخارج خاصة تلك التي تأتينا من الصين. وأضاف محدثنا أن الجزائر تعد من بين الدول القليلة في العالم التي تفرض رسوم جبائية مرتفعة على استيراد المواد الأولية في حين تفرض رسوم أقل على المواد المصنعة المستوردة من الخارج، مشيرا إلى أن قيمة الرسم على القيمة المضافة المفروض على المادة الأولية تقدر ب17 بالمئة في حين لا تتجاوز ال5 بالمئة على استيراد المواد المصنعة، وهو ما يعني أن سياسة الدولة ترمي إلى الاستيراد لا التصنيع، فارتفاع تكاليف الإنتاج - حسبه - جعل المصنعين الخواص عاجزين عن مواجهة المنافسة الشرسة للمنتجات الصينية التي تعرف إقبالا كبيرا نظرا لانخفاض أسعارها مقارنة بالمنتجات المحلية. وتابع قائلا: ”أنا مع حرية التجارة ولكن بضوابط، فمن يملك التنافسية يستطيع أن يفوز بحرية التجارة، لكن قطاع النسيج في بلادنا يعاني من مشاكل يرجع امتدادها التاريخي إلى سنوات التسعينيات لتداعيات مرتبطة بسوء التسيير والفهم الخاطئ للممارسات الاقتصادية للنظام الرأسمالي”. والحل لإعادة إحياء قطاع النسيج يكمن في مراجعة الحكومة لهذه الرسوم، وإلا فإن الجزائر لن تتجاوز أبدا المشاكل التي تقف عائقا في وجه الصناعة في بلادنا ونبقى تحت رحمة التبعية إلى الخارج في أبسط المنتجات وليس الألبسة والأفرشة فحسب”.