أكد عدد من مصنعي النسيج والمنتجات الجلدية ل"الفجر" أن الحالة المؤسفة والمتردية التي أصابت قطاع النسيج والجلود في الجزائر وصلت إلى حد لا يمكن السكوت عنه، خاصة في ظل الخسارة المستمرة لمناصب الشغل، نتيجة إفلاس عدد كبير من المؤسسات الإنتاجية وطالب هؤلاء المصنعين بضرورة تدخل الحكومة لاتخاذ تدابير وإجراءاتها من شأنها تنظيم التجارة الخارجية وضبط سوق الألبسة الجاهزة التي تعرف، منذ سنوات، غزو منقطع النظير لمنتجات مستوردة لا تحترم المعايير الدولية. وأوضح لنا في هذا الصدد، عمور مالك، إحدى ورشات الغزل والنسيج بالجزائر العاصمة، أن من بين أهم المشاكل التي تواجه صناعة النسيج في الجزائر هي نقص فعالية أجهزة الدولة فيما يتعلق بفرض الرقابة على المنتجات المستوردة من الخارج. وأضاف محدثنا أن الجزائر تعد من بين الدول القليلة التي تفرض رسوم جبائية مرتفعة على استيراد المواد الأولية في حين تفرض رسوم أقل على المواد المصنعة المستوردة من الخارج، والتي تنخر اقتصادنا الوطني وتعرض صحة المستهلكين إلى الخطر في ظل صمت المسؤولين، مشيرا إلى أن قيمة الرسوم الجمركية المفروضة على المواد الأولية تصل في كثير من الأحيان إلى 40 بالمائة، في حين لا تتجاوز ال20 في المائة بالنسبة للمواد المصنعة. وتابع في نفس السياق أن مصنعي النسيج والمختصين في صناعة الجلود وتحويل الجلود الطبيعية والاصطناعية هم مجبرون على استيراد المواد الأولية من الأسواق العالمية نتيجة ندرتها في السوق الوطنية، خاصة فيما يتعلق بالصوف، القطن، بعض أصناف الكتان، والنايلون. فارتفاع تكاليف الإنتاج - حسبه - جعل المصنعين الخواص عاجزين عن مواجهة المنافسة الشرسة للمنتجات الصينية التي تعرف إقبالا كبيرا نظرا لانخفاض أسعارها مقارنة بالمنتجات المحلية، وتابع قائلا: "أنا مع حرية التجارة ولكن بضوابط، فمن يملك التنافسية يستطيع أن يفوز بحرية التجارة، لكن قطاع النسيج في بلادنا يعانى من مشاكل يرجع امتدادها التاريخي إلى سنوات التسعينيات لتداعيات مرتبطة بسوء التسيير والفهم الخاطئ للممارسات الإقتصادية للنظام الرأسمالي". وأشار نفس المسؤول إلى أن تطوير صناعة النسيج هو خيار سياسي يجب أن تتخذه الدولة، بداية بالرفع من قيمة الرسوم الجبائية المفروضة على المواد المستوردة لتضييق الخناق على المستوردين وفسح المجال أمام المنتوج المحلي، والعمل على إعفاء ورشات التفصيل والملابس الجاهزة من دفع الضرائب لمدة 3 سنوات على الأقل لتشجيع الخواص للإستثمار في الصناعة النسيجية. كما شدد محدثنا على ضرورة توفير مراكز لمراقبة الجودة على مستوى الموانئ لمكافحة الغش التجاري والتقليد لضمان سلامة المنتجات المستوردة.