تراقب الجزائر وبحذر شديد ما يحدث لدى الجارة تونس، وتتعقب مصير آل بن علي المخلوع من السلطة، وتترقب مصير الاتفاقيات التجارية “التفاضلية” التي وقّعها وزير التجارة السابق، الهاشمي جعبوب، والوزير الأول التونسي، محمد الغنوشي، خلال 2008 المبادلات بين الجزائروتونس بلغت 1.1 مليار دولار خلال 11 شهرا ومصير الاتفاقيات ال 10 الممضاة بين الغنوشي والوزير الأول، أحمد أويحيى، بالجزائر العاصمة، بين 25 إلى 26 ديسمبر الماضي. نتج عن علاقات حسن الجوار، والعلاقات الطيبة التي جمعت الرئيس التونسي المخلوع، زين العابدين بن علي، برئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، إبرام الاتفاقية “التفاضلية” عام 2008، خلال الدورة ال 17 للجنة المشتركة العليا بين البلدين، والتي تمنح للجزائر أفضلية في التعامل تجاريا مع تونس، وتُعفي مئات السلع الجزائرية من الرسوم الجمركية لدى دخولها إلى التراب التونسي، كما تمنح بعض السلع التونسية نفس الإعفاءات. وتُولي هذه الاتفاقية اهتماما بالغا بقطاع السياحة والصناعات التقليدية، رهان البلدين في إقامة تكامل اقتصادي مشترك، ودمج ثقافة البلدين في سياحة موحدة، وجمع التراث في موروث ثقافي متكامل، خصوصا وأن البلدان يجتمعان على عدة مقومات أساسية في بناء أية دولة. خلط في الأرقام بين تونسوالجزائر وبلغة الأرقام، فإن المبادلات التجارية بين البلدين شهدت تحسنا ملحوظا بين سنتي 2009 و2010، حيث بلغت حدود 1.1 مليار دولار، ما يعادل 1.457 مليار دينار تونسي، خلال 11 شهر من السنة الماضية، بعد أن كانت عند سقف 1.277 مليار دينار تونسي في 2009. وتصدر تونس للجزائر 619.6 مليون دينار تونسي من السلع، أهمها المواد المصنعة والمواد الغذائية، وتستورد منها 837.4 مليون دينار تونسي، تتمثل أساسا في المحروقات والحديد والصلب، وهذه الأرقام أدلت بها الجهات الرسمية التونسية، فيما أشار وزير الشؤون المغاربية، عبد القادر مساهل، خلال اجتماع الدورة ال 18 للجنة العليا المشتركة، يوم 25 ديسمبر 2010، إلى أن حجم المبادلات استقر لدى 600 مليون دولار، بزيادة مئوية وصلت 5.6 بالمئة مقارنة بسنة 2009، ويؤكد ذلك الخلط في الأرقام بين الجزائروتونس في الاختيار بين 1.1 مليار دولار أو 600 مليون دولار. الاتفاقيات تتعطل بسبب ما حدث ويرى متتبعو الملف الاقتصادي للبلدين، أن الخطوة التي أقدم عليها بن علي، بفراره من الحكم، سيُعطل مسار العلاقات المشتركة إلى حين، خصوصا بعد تعرض السياحة التونسية للتخريب، وتعرض معظم منشآتها الرسمية للحرق، ما يستدعي التريث في اتخاذ القرارات البينية بخصوص تجسيد الاتفاقيات الممضاة سابقا. وستجد اللجنة المشتركة نفسها مجبرة على إعادة النظر في عدة ملفات ومراجعة بعض التعاملات مؤقتا، تماشيا والظرف الحساس الذي تمر به تونس، ويؤكد أيضا بن علي بفراره من السلطة، عدم مشاركته في تحضير وإبرام اتفاقيات اللجنة المشتركة للبلدين في دورتها ال 19 خلال 2011، ولن يكون طرفا في بناء التكامل الاقتصادي المزدوج. ويبقى مصير الاتفاقيات التجارية “التفاضلية” بين أيدي الوزير الأول، أحمد أويحيى، ونظيره التونسي، محمد الغنوشي، في انتظار ما ستسفر عنه انتخابات تونس المقبلة، والرئيس الجديد، الذي سيحمل طابعا آخر في علاقاته وتعاملاته مع الجزائر، من حيث النمو أو التراجع، وكذا استكماله لبرامج بن علي في العلاقات الخارجية واستمراره في التزامات تونس التجارية مع الجزائر، أم أنه سيهدم ما بناه بن علي نهائيا، وبالتالي فتح صفحة جديدة مع الجزائر، وبناء سياسة جديدة في مجال التعامل الاقتصادي والتجاري بين البلدين.