يلقى عشرات المرضى حتفهم بسبب نقص غرف الإنعاش في المستشفيات، حيث يتراوح عدد الأسرة المخصصة لذلك بين الستة والعشرة، وهنا يجد الأطباء أنفسهم مجبرين على إرسال المريض إلى أقرب مستشفى لإنقاذ حياته، وفي أغلب الأحيان لا تنجح محاولاتهم، ويترك المريض ليلفظ أنفاسه متأثرا بمرضه. ترقد الطفلة “طيباوي دعاء”، ذات الأربع سنوات، في مستشفى بلفور بالحراش منذ أيام، إثر تعرضها لنوبة قلبية، وهي تحتاج إلى تنفس اصطناعي ورقابة في الإنعاش. وبفعل عدم توفر جهاز الإنعاش في ذات المستشفى، فهي تخضع لرقابة الأطباء منذ ستة أيام، والذين اضطروا لاستخدام جهاز الإنعاش اليدوي، أين تم تسخير طبيبين يعملان بالتناوب من أجل إبقائها على قيد الحياة. ومن أجل تكفل جيد بالطفلة قام والدها بالتنقل بين مستشفيات العاصمة للبحث عن مكان ينقلها إليه، إلا أن الإجابة كانت نفسها في كل مرة “لا توجد أماكن شاغرة “ و”كل الأسرة محجوزة” أو “جهاز الإنعاش معطل”. وفي هذا الصدد أخبرنا قريب الصغيرة أن كل المستشفيات التي قصدوها لا تحتوي عددا كافيا من الأسرة، متسائلا إن كانت الدولة عاجزة عن توفير أجهزة إنعاش في المستشفيات، وهل من الصعب عليها اقتناء أجهزة التنفس الاصطناعي وبعض الأكسجين؟!. من جهته، وصف البروفيسور خياطي، في اتصال هاتفي مع “الفجر”، حالة الطفلة دعاء بالخطيرة، وقال إن التكفل بها صعب للغاية في ظل نقص الإمكانيات في مستشفى بلفور، خاصة أنها تعرضت لنوبات صرع متتالية، وتحطمت بعض خلاياها العصبية، ما أدى إلى تعقد حالتها الصحية ودخولها في غيبوبة، مؤكدا أن الأطباء يبذلون كل جهودهم لإنقاذ حياتها بالرغم من نقص الإمكانيات. وحسب محدثنا، فإن بقاء المريضة على قيد الحياة مرهون بوجود جهاز إنعاش شاغر في أحد المستشفيات، ليتم تحويلها إليه، مؤكدا في ذات الصدد أن مشكل نقص أجهزة الإنعاش يطرح في جميع مستشفيات العاصمة. وضرب مثالا بمستشفى القبة الذي يحتوي ست أسرة فقط، ومستشفى مصطفى باشا الذي يملك ضعف العدد، وهو شيء غير كاف مقارنة بعدد المرضى الذين يحتاجون إلى الإنعاش وأغلبهم من الحالات المستعجلة، فهم من ضحايا حوادث المرور أو من أصيبوا بنوبات قلبية وأزمات تنفسية حادة. وفي السياق ذاته، قال البروفيسور خياطي الذي يعمل في مستشفى بلفور، إن مشكل نقص أجهزة الإنعاش يطرح بحدة خاصة في مستشفيات شرق العاصمة، بسبب النمو الديموغرافي الكبير، موضحا ذلك بقوله:”ظهرت في شرق العاصمة مدن جديدة على غرار الدارالبيضاء، برج الكيفان، باب الزوار، وارتفع عدد السكان وبلغ المليون ونصف في المنطقة، ورغم ذلك لم يتم إنشاء مستشفيات جديدة تستوعب عدد المرضى”، وأضاف: “رغم النمو الديموغرافي السريع إلا أن المستشفيات لا تزال تعمل بإمكانيات سنوات الثمانينيات”. وبالمقابل فإن القطاع الخاص لا يرغب في استقبال مثل هذه الحالات الصعبة، كونه لا يستطيع التكفل بها بسبب حالتهم الحرجة وكذا ارتفاع تكاليف العملية.