أكد عدد من الخبراء في الدستور المصري على عدم دستورية تفويض الرئيس المصري حسني مبارك كامل صلاحيته في تولي الحكم لنائبه عمر سليمان بهذه الكيفية التي أعلنها في خطابه الأخير الذي ألقاه أمس الأول على الأمة المصرية. وقال المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي القضاة الأسبق: “إن الثورات تسقط الدساتير وإن تفويض الرئيس لعمر سليمان غير شرعي لأن الرئيس فاقد الشرعية وفاقد الشيء لا يعطيه” وأضاف المستشار: “إن الموجود هو نص المادة 82 والتي تتحدث عن إنابته لنائبه أو رئيس مجلس الوزراء في اختصاصاته”. وأضاف المستشار: “لا يجوز لمن ينوب عن رئيس الجمهورية طلب تعديل الدستور، أو حل مجلس الشعب أو مجلس الشورى، أو إقالة الوزارة”. وأكد الناشط السياسي المصري الدكتور صلاح الراوي على أن مبارك يراوغ بالشعب المصري، على حد وصفه، مشيرا إلى أن الإنابة لا تعني التفويض، موضحا أن النصوص الدستورية والقانونية لا توجد مرادفات بل هي تتميز بالدقة التامة.. وكل لفظ يعني دلالة محددة. وأوضح الناشط السياسي أن الدستور المصري الحالي لا يتضمن أي نص في مواده يمنح تفويضا لسليمان بهذا الشكل الذي تحدث عنه مبارك في خطابة. وأضاف الدكتور أن التفويض جاء مخالفا لصحيح النص الدستوري، ما يعني بطلانه نتيجة الخطأ في منطوق قرار التفويض، ويقول الراوي: “إن قرارا بالإنابة في الاختصاصات لم يصدر وينشر في الوقائع وإنما جاء شفهيا.. وهو أمر يعني أن بيان عمر سليمان جاء من غير صفة قانونية”، موضحا أنه لا بد من صدور قرار جمهوري بإنابته قبل أن يتصدى لممارسة اختصاصات الرئيس”. وأضاف محدثنا: “إن أي تعديلات لمواد أخرى كما قال حسني هي مجرد أكذوبة وقد اعتدنا منه الكذب”، على حد تعبيره. وقال المستشار علاء السيد سلطان خبير أول بوزارة العدل المصرية والعضو بمنظمة العفو الدولية: “إن مبارك بهذا يحتفظ باختصاصات دستورية وهذا التفاف واضح على فكرة التخلي عن السلطة لمن يرى في تفويضه للنائب (الصحيح دستوريا هو الإنابة) تنحيا ضمنيا عن السلطة”. وأضاف محدثنا: “إن من مظاهر التلاعب للاحتفاظ بالسلطة هو احتفاظه بسلطة إقالة الوزارة لاستحالة ذلك على النائب”. وقال الخبير في القانون الدستوري دكتور عمرو هاشم ربيع مدير وحدة الدراسات الاستراتيجية بمركز الأهرام: “إن صيغة التفويض التي تحدث عنها مبارك في خطابة ما هي إلا اختزال لنوايا مبارك للالتفاف على السلطة. وأشار عمرو إن عمر سليمان لا يمكن له تولي السلطة بهذه الكيفية التي ظهر عليها اليوم عندما بدأ بإصدار أوامر لمجلس الشعب والحكومة”. وقال عمرو: “لا أحد في مصر يستطيع وحده أن يقيل الوزارة كلها أو بعضها ويعيد تشكيلها ويعين رئيسها وأعضاءها إلا حسني مبارك”. وأكد عمرو على عدم دستورية التفويض، مشيرا إلى أن عمر سليمان لم يؤد اليمين الدستوري بعد حتى يتسنى له ممارسة مهامه سواء كمفوض أو بديل بصفة الإنابة لتعذر على مبارك ممارسة مهامه”. وأضاف عمرو: “حتى وإن أقرارنا بأن هناك ظروفا غير عادية أدت إلى هذا السيناريو في نقل السلطة، إلا أن عمر سليمان يبقى ممنوعا من ممارسة المهام كاملة سيما حل مجلس الشعب، لأن التفويض مقتصر فقط على الأمور العادية، وبالتالي فإن الرئيس بذلك فوض كل سلطاته الأخرى لنائب رئيس الجمهورية”، وهي أمور يقول المتظاهرون أساسية ولا يزال يطالب بها الشارع المصري وعدم تطبيقها يعني بقاء حالة التوتر والأزمة. وأضاف محدثنا أن الظروف الحالية تحتم على الجيش ضبط النفس إلى أعلى مستوى، مشيرا إلى أنهم ليسوا على استعداد للتورط في قتل المصريين حتى تحت أوامر أعلى قيادات النظام السياسي. وأوضح ياسر أن تدخل الجيش في مواجهات مع الشعب يعني تدخل القوات الدولية ممثلة في الأممالمتحدة لتأمين الحماية للشعب، وهو ما يعني الاحتلال وسيناريو يشابه ما حدث في العراق، وهو أمر مرفوض تماما من قبل قيادات الجيش التي تهدف إلى حماية الوطن من التدخلات الأجنبية. في المقابل وزع الجيش المصري عقب خطاب الرئيس رسائل نصية وصلت هواتف المصريين قال فيها: “المجلس الأعلى للقوات المسلحة مجتمع حاليا لدراسة الموقف وسيعلن بيانا هاما للشعب” حسب نص الرسالة. وألقى جيش خطابا أطلق عليه اسم البيان رقم 1، قال فيه إن قادة الجيش في اجتماع مفتوح ومستمر، دون أن يقدم المزيد من التفاصيل التي تريح المتظاهرين كما جاء في نص الرسائل النصية التي أرسلها عبر الموبايل للشعب. من جهة ثانية، قدم اثنان على الأقل من قادة الجيش استقالتهما من منصبيهما، وقال الرائد المستقيل أحمد شومان أنه وجه رسالة إلى قائد الأركان المشير طنطاوي أكد له فيه ا أن اليمين الذي أقسمه هو حماية الشعب وليس النظام. وأضاف: “أقسمت يمين اللواء لمصر وليس للنظام، وأنا اليوم أقدم استقالتي وأسلم سلاحي لأن المظاهرات سلمية وشرعية”. خاتم سليمان لإسرائيل ذكرت مصادر خاصة جدا ل”الفجر” أن الخطاب الأخير لمبارك تمت فبركته في مبنى الإذاعة والتلفزيون، خاصة أن الجميع لاحظ اقتطاع جزء من الخطاب. وأشارت مصادرنا أنها ترجع احتمال أن يكون المقطع الذي تم حذفه تضمن تصريح مبارك بالتنحي، لكن جهات رسمية قامت بحذف المقطع والإبقاء على عبارة التفويض التي تكون قد سبقتها عبارة التنحي والاعتزال. وأضافت مصادرنا أن الشريط تم تسجيله بمبنى الإذاعة والتلفزيون إثر انقلاب قيادة المنطقة المركزية عليه، وعلى إثره تم إصدار بيان رقم واحد الذي بموجبه شكلت لجنة من قيادات الجيش المصري لإدارة شؤون البلاد لحين إجراء انتخابات رئاسية في مدة لا تزيد عن 90 يوما من تنحي الرئيس. من جهة ثانية يعتبر تفويض مبارك لعمر سليمان بمثابة خاتم منحه مبارك لإسرائيل، خاصة أن القائد سامي حافظ عنان رئيس الأركان الحالي للقوات المسلحة المصرية، على علاقة قوية بالمخابرات الأمريكية وأن تعيين عمر سليمان في مثل هذه الظروف سوف يمنح إسرائيل فرصة ذهبية لإشغال الرأي العالم العالمي وإحباط مخطط إعلان دولة إسرائيل تحت غطاء الأممالمتحدة، وهو الأمر الذي سبق أن أشار إليه الرئيس الأمريكي بارك أوباما. وأكد أوباما في وقت سابق أن ميعاد سبتمبر المقبل سوف يكون موعد إعلان الدولة الفلسطينية التي تكون قد اعترفت بها حتى الآن 15 دولة من أمريكا اللاتينية. ويبلغ عمر سليمان 76 سنة من العمر، وهو ما يعني عدم ترشحه للرئاسة ويبقى كونه شخصية عسكرية سوف يحجم من دور مصر في إعلان دولة فلسطين، لأن مصر ستظل في أزمة إلى ذلك التاريخ واستمرار الاحتجاجات سوف يمنع الحديث عن قيام دولة فلسطينية تحت غطاء الأممالمتحدة. وقال الخبير العسكري المصري الدكتور أيمن سلامة أن تطورات الأحداث ستأخذ البلاد إلى مأزق العصيان المدني، مشيرا إلى أن الجيش المصري في وضع نفسه في خانة الاتهام بالتآمر لصالح النظام رغم تأكيده عدم التعرض للمتظاهرين. هذا وكانت مسؤول في “السي. آي. إي” سبقت الخطاب بتأكيدها وفقا لمصادر إعلامية، أن مبارك قد تنحى عن الحكم، مؤكدة أن كلامها ليس بناء على تقارير استخباراتية إنما بناء على تقارير إعلامية.