شكّل موضوع “نهب التراث والثروات الجزائرية خلال الفترة الاستعمارية منازعات للتسوية”، محور ثلاثاء التاريخ الذي احتضنه حصن 23 بالعاصمة حيث أجمع المشاركون على ضرورة تدخل الدولة للمطالبة باسترجاع الثورات الوطنية المنهوبة بالنظر إلى حساسية النقاش حول مثل هذه المواضيع التي تعدّت - حسبهم - حق الجزائر في استرجاع موروثها الحضاري إلى أبعاد مرتبطة بالعلاقات الدولية. عرف هذا اللقاء مشاركة عدد من المؤرخين والأسماء التاريخية التي ساهمت في إثراء النقاش والخوض في عدد من النقاط التي أكدوا ضرورة لفت الانتباه إليها على غرار الدراسات العليا في مجال البحث في التاريخ والتراث التي اعتبرها الأستاذ نور الدين ساحي لا حدث بالنظر إلى سطحية مواضيعها، إلى جانب الحديث عن توظيف وزارة الثقافة لأشخاص لا علاقة لهم بالتراث لتسيير هذا القطاع الحساس، مع الإشارة إلى الاستعانة بخبراء أجانب لترميم الآثار الوطنية وتهميش الجزائريين. عرج المؤرخ بلقاسم باباسي للحديث عن أهم الآلات التي نهبها الاستعمار الفرنسي والتي توصل بعد الدراسة والبحث إلى أنها كانت تفوق 158 آلة ، من بينها المدافع التي كان يفوق عددها الألف والتي كانت تشتهر بها الجزائر، لذا فقد كانت - حسبه - أول هدف للاستعمار الذي عمد إلى نقل 24 مدفع إلى باريس فيما قام برمي الباقي في البحر أو غرزها في رمال الميناء في إشارة على نجاحها في هزيمة أكبر قوة في البحر المتوسط. وقد تحدث الكاتب بإسهاب عن مدفع “بابا مرزوق” الذي يؤكد أنه أكبر خسارة للجزائر بالنظر إلى كونه دليلا آخر على قوة الجزائر وبراعتها في صنع مثل هذه الآلات، حيث أوضح المتحدث أن هذا المدفع بالذات يعد الأول من نوعه في العالم وهو ما دفع فرنسا إلى نقله إلى باريس، حيث يتواجد حاليا في براست. وعليه، فقد كشف باباسي أنه قام بمراسلة عدة شخصيات فرنسية على غرار الرئيس الفرنسي جاك شيراك ووزيرة الخارجية ميشال آليو ماري وحتى الرئيس الحالي نيكولا ساركوزي للمطالبة باستعادة الآثار الوطنية المنهوبة، إلا أن ردودهم انحصرت كلها في أن الدولة الجزائرية وحدها من يحق لها ذلك وهي لم تفعل وبالتالي يبقى الحال على ما هو عليه. من جهته، اعتبر الأستاذ نور الدين ساحي أن الحديث عن أحقية الجزائر في المطالبة باسترجاع الآثار والثروات الكثيرة التي نهبها الاستعمار الفرنسي ليس بالأمر السهل، لأنها تحوّلت - حسبه - إلى جزء من التاريخ والتراث الفرنسي وهذا لا يقتصر على الجزائر فقط بل هو متعارف عليه دوليا، حيث أشار بالمقابل إلى لوحة فنية توجد بمتحف وهران وهي مجسّدة على قطعة الفرنك الفرنسي، لذا فقد تساءل إذا كان بإمكان الجزائر تسليمها لفرنسا. وعليه، فقد أكد المحاضر ضرورة إيجاد صيغة بديلة للنقاش حول هذا الموضوع لتسوية مثل هذه النزاعات التي أبانت من جهة أخرى عن وجود آثار منهوبة ولا علم لنا كجزائريين أصلا بوجودها، حيث أشار إلى أن فترة دراسته بفرنسا كشفت له عن وجود آثار لا يحق للجزائريين في فترة دراستهم الاطلاع عليها أو دراستها، وهو ما يستدعي حسبه الاهتمام أكثر بمجال البحوث التاريخية والمتعلقة بالتراث في الجزائر مع الاهتمام به وسد الفجوة بينه وبين الجزائريين حتى لا يقتصر مجال الاهتمام على عدد من الباحثين والجمعيات ويصبح هذا المطلب بصوت الحكومة والشعب.