عاد، أمس، نجم الأغنية القبائلية، تاكفاريناس، إلى جمهوره ومحبيه، بعملين فنيين جديدين، في ألبوم واحد وسم الأول منه ب”إن شاء الله”، أما الثاني فقد وسم ب”الوالدين”، وهي خلاصة التجربة الفنية الكبيرة للفنان، التي تجاوزت العقد الثالث، ولكنها بالنسبة لتاكفاريناس ما هي إلا مرحلة بداية جديدة من مسيرته الإبداعية حيث وزعت الشركة المنتجة للعمل، صباح أمس، الألبوم على أغلب بائعي أشرطة الكاسيت بالعاصمة، تيزي وزو، بجاية، وعدّة مدن جزائرية أخرى، على أن يوزع في الأيام القليلة القادمة في مختلف المدن الجزائرية بالإضافة إلى فرنسا وعدّة دول أوروبية أخرى. يعد الألبوم، الذي صدر عن”إيزم ايديسيون”، للإنتاج الفني والإبداعي، بتيزي وزو، تكريما للفن الشعبي والجيل الحالي من الشباب، من خلال جملة من المواضيع، مثل أغنية “إضّلي كان”، والتي تعني “الأمس فقط”، ومن خلال النمط الموسيقي الذي اعتاد تاكفاريناس على تقديمه، وهو يعرف بالنمط “البال”، يواصل مطربنا التنقيب والبحث عبر مفردات كلماته وموسيقاه التي يستأنس لها المؤلف الموسيقي الفرنسي شارل كامي سان سانس، وعلى هذا الإيقاع قدم أغنية الألبوم الثانية الموسومة ب”أولاش وين”، أو”ليس هناك بديلاً”، وهو يقدمها على شكل درس يستخلصه من الحياة، فنجد فيه دعاء للتواضع أمام ألغاز الحياة وضخامة العالم وعظمة الخالق. وكتب أيضا عن الهجرة والغربة التي يعاني منها الشباب الجزائري، في المهجر عبر أغنيته الموسومة ب”الوخدة”، أي بمعنى”المأساة”، وهي أغنية في طابع أندلسي المعروفة بطابع “السبكة”. العمل الثاني الذي ضمّه الألبوم، افتتحه تاكفاريناس بأغنية “لعاسلاما”، أي “مرحبا”، وهي أغنية تترابط مع الأغنية الموالية في ذات ال”سي دي”، الموسومة ب”غيول”، أي أسرع، وجاءت على إيقاع البروالي السريع، فيستمتع المستمع للحن الأغنية بتجانس الآلات فيما بينها ومع الكلمات أيضا، كما يضم ال”سي دي”، أغنية”الوالدين”، وهو العنوان الذي حمله اسم الألبوم مشتركا مع عنوان ال”سي دي”، الأول الذي وسم ب”إن شاء الله”، وجاءت هذه الأغنية بلحنين مختلفين، واحد متبوعا بعزف الأوركسترا، فجاءت ذات طابع شعبي محض، فقدمه تاكفاريناس حسب نصر الدين بغدادي، الموسيقار الجزائري المعروف وعضو الأكاديمية العربية للموسيقى، بأسلوب جيّد استعمل فيه الفنان الجمل الموسيقية الطويلة وهذا ما يمكن أن يقدمه أي مطرب محترف، ما أعطى لحضور الأغنية نسقا جميلاً. أما اللحن الثاني الذي قدمت فيه أغنية “الوالدين”، التي أراد من خلالها تاكفاريناس أن يكرّم الوالدين، فقد جاءت مصحوبة كلماتها بعزف على آلة المندول والدربوكة، وهذا ما أدى إلى إبراز الصوت والمندول بصفة جلية، فآلة المندول تزأر مثل الأسد حينا وتتدحرج في الحين الآخر، وفي هذه الحالة يستشف المستمع إلى عزف وتقنية جميلة لم يسبق له أن سمعها في أعمال الفنانين. وقد عالج تاكفاريناس موضوع الحراڤة، بطريقة فنية جميلة، مقدمه من خلال أغنية “أسرم”، أي الأمل الذي على شباب الجزائر أن يتحلوا به لتجنب الإذلال والعار الذي يعيشونه في الخارج، خاصة إذا ما هاجروا إلى هناك بطريقة غير شرعية. بصفة عامة، ستكون عودة الفنان الجزائري الكبير، تاكفاريناس، إلى الساحة الفنية في هذا الوقت بالذات، فرصة سانحة لرواج هذين العملين الفنيين، حيث تشهد الساحة الفنية ركوداً حاداً من جراء عزوف عدد كبير من دور الفن على طرح الأعمال الفنية لفنانيها خاصة الذين قرصنت أعمالهم وطرحت في السوق السوداء قبل موعد طرحها. ويأتي هذا الألبوم بعد آخر ألبوم ناجح طرحه تاكفاريناس سنة 2005 في الأسواق الموسوم ب”تاجميلت إثلاوين”، تحية وتقدير للنساء، والتي قدمها تاكفاريناس مع عدد كبير من الناشطين في الوسط الفني العالميين أمثال نوربير كريف، سلاي دونبار، وسلاي أند روبي الثنائي الذي رسّخ لتاريخ الموسيقى الريفية. يذكر أن العمل الفني هذا يضم في ألبومه الأول 11 أغنية، أما الألبوم الثاني فقد ضم 10 أغاني جديدة، وقد تزين الغلاف الخارجي للعمل على شكل صورة أيدي مفتوحة، مكتوبة بحروف أمازيغية أصيلة، وهي في الحقيقة عبارة عن يد تاكفاريناس، وأراد من خلال هذه الحركة، الاعتراف الصريح من الفنان لجمهوره ومحبيه ورغبة منه في رؤية الحب والسلام يستمر.