تؤرق الجزائريين نتيجة المقابلة القادمة التي ستجمع الخضر بالمنتخب البريطاني يوم الجمعة القادم، فحتى وإن تمكنوا من السيطرة نوعا ما على مشاعرهم هذه المرة وتركوا الشوارع مرتاحة من مواكب المناصرة التي اعتادوا تنظيمها أسبوعا كاملا قبيل موعد أي مباراة يلعبها أشبال سعدان، إلا أنهم لم يستطيعوا التحكم فيها في أوقات نومهم، التي تحولت إلى أسوا الأوقات لدى البعض من شدة ما يرونه من كوابيس حول نتيجة المقابلة. ومنهم من بلغ به الأمر حد انقطاع الشهية والدخول في حالة من الاكتئاب والإحباط النفسي. دخل العديد من الجزائريين في حالة من الإحباط النفسي والقلق والتوتر بعد النتيجة التي حققها المنتخب الوطني في مباراته ضد المنتخب السلوفيني بهزيمة هدف مقابل لا شيء. ضغط وخوف، توتر وحزن كلها عوامل ساهمت في رسم أحلام الجزائريين وتحويل معظمها إلى كوابيس، إلا أنهم وبالرغم من ذلك لازالوا متفائلين ويعلقون الآمال على التأهل للدور الثاني من خلال تحقيق نتائج أحسن في المقابلات اللاحقة. المونديال.. أحلام مفرحة وكوابيس مفزعة اختلفت رؤى وأحلام الجزائريين التي قيدها المونديال وتأملاتهم في بلوغ الدور الثاني، وراح كل واحد منهم يأول ما رآه في منامه من أحلام ويعلق عليه آمالا كبيرة إذا ما كان مفرحا ويتشاءم منه إذا ما كان مفزعا. وإذا قمنا بسرد كل ما بلغ مسامعنا من أحلام لن تكفينا الصفحات أبدا. ومن بين الأحلام الجميلة التي رأتها إحدى السيدات وسارعت في الصباح الباكر ترويه لزميلاتها في العمل، وقوف أشبال سعدان فوق المنصة مرتدين الزي الذي اعتدنا رؤية الأمريكان يرتدونه يوم التخرج من الجامعة، وتسلم محاربي الصحراء شهادات تقديرية. وكان تفسيرها لهذا الحلم أن المنتخب الوطني سيبلغ مرحلة متقدمة من التصفيات وعلى الأقل سيتأهل للدور الثاني. أما سيدة أخرى فرأت في منامها أنها تقلب صفحات جريدة ولما بلغت الصفحة الثالثة قرأت عنوانها ''عودة المنتخب الوطني'' وكانت صورة اللاعبين يضحكون خاصة مطمور. وفسرت حلمها بنفسها من منظور منطقي أو من منظور العادة، حيث قالت لنا وهي تروي حلمها، أمامنا 3 مباريات وأنا توقفت في الصفحة الثالثة وقرأت أن الفريق سيعود، ما يعني أنه سيعود إلى سابق عهده من انتصارات وبطولات. في حين رأت سيدة أخرى أن، عنتر يحيى يلعب في إحدى مقابلات المونديال وفسرت هذا انطلاقا من اسم اللاعب، فعنتر يعني القوة نسبة لعنتر ابن شداد، ويحيى أي أن النصر والانتصار سوف يحيا لأطول فترة ممكنة. نتائج المقابلات تظهر في أحلام الأطفال لم يسلم الأطفال من أرق المونديال، ويعانون هم أيضا من عدم القدرة على النوم ليلا، وصاروا هم أيضا يتنبأون بنتائج المقابلات التي سيجريها منتخبنا الوطني، كما هو حال الطفلة ريمة التي رأت في حلمها أن الخضر يفوزون على سلوفينيا بثلاثة أهداف مقابل لا شيء، وكانت جميعها من إمضاء اللاعب نذير بلحاج. من جهتها، ذهبت الطفلة رانية إلى حد أبعد ورأت أن الجزائر ستتجاوز المرحلة الحالية وتتأهل إلى دور قادم، تجري فيه مقابلة ضد المنتخب الأرجنتيني وتتفوق عليه. بينما تسبب المونديال في انقطاع شهية بعض الأطفال، مثلما هو حال كل من سماح، هشام، وليد، هاجر وعبد الرؤوف، الذين ينتظرون بفارغ الصبر الأجواء الاحتفالية التي تعقب المباريات، وتأثروا بتوقعات الخسارة من قبل الأهل والجيران فتأثرت نفسيتهم كثيرا إلى درجة فقدان الشهية. الموتى يزورونهم في المنام ويقرؤونهم السلام من سعدان من أطرف ما يمكن للفرد أن يراه من حلم، ذلك الذي راود أحد الشباب ليلة المقابلة التي جمعت محاربي الصحراء بالمنتخب السلوفيني، وراح يرويه لكل أهاله وأصدقائه مستبشرا بما رآه، خاصة بعدما قامت والدته المشهورة في الوسط العائلي بقدرتها على تفسير الأحلام، بتفسيره إيجابيا، خاصة أنه عندما استيقظ من نومه كانت الساعة تشير إلى وقت آذان الفجر، الوقت الذي يقال إن الأحلام فيه عبارة عن رؤى أو أنها ستتحقق حتما مهما كان نوعها، سواء أكانت جيدة أو كوابيس. ومما رأى هذا الشاب في منامه، قدوم والده المتوفى إليه في لباس أبيض، مبتسما وفرحا، ومد يده لمصافحة ابنه قائلا: إني أقرؤك السلام من سعدان''. وكان وقع هذه العبارة كبيرا على نفسية الشاب، بعدما علم من والدته أن السلام في المنام يعني فعلا تحقق الراحة والسلام في الواقع خاصة ما إذا كان الشخص في ضيق. وهذا يعني، حسب تفسير والدته، أن المنتخب الوطني سيحقق نتائج إيجابية في مقابلاته وأن الأمور تمر بهدوء وسلام. دعوات في الصلاة.. وأخرى من الحاجات وصل خوف الجزائريين من نتائج المباريات ومن عدم التأهل إلى الدور الثاني، إلى درجة التضرع إلى الله بالدعاء، خاصة في السجود، حسب ما أكدته لنا إحدى السيدات، قائلة: ''لا أنسى أبدا أن أدعو الله في صلاتي وقت السجود لينصر الفريق الوطني ويكلله بالنجاح''. وأضافت: ''وفي كل مرة يذكر شخص ما المنتخب الوطني أمامي أباشر بالدعاء''. بينما تقوم الحاجة عائشة بالنزول لطلبات أبنائها وأحفادها، مترجين إياها أن تدعو للفريق الوطني بالفوز في مقابلاته الحالية والتأهل إلى الدور الثاني، باعتبارها حجت إلى بيت الله فدعواتها ستكون مستجابة. وما تميز أيضا الجمعة الماضية هو اختتام أئمة بعض المساجد خطبتهم بالدعاء إلى الله أن يوفق المنتخب الوطني في مشواره ومهمته، وأن يسدد خطاه إلى تشريف البلد بين الأمم. علم النفس.. نفسية الجزائريين وراء أحلامهم والخوف المتزايد يجعلها كوابيس ترى الأخصائية النفسانية ''ب. فتحية'' أن ما يعيشه الجزائريون اليوم من قلق وتوتر نفسي أمر جد طبيعي، وأن تنعكس حالة الشخص في أحلامه عادي أيضا، فرغبة كل واحد في أن يحقق الفريق الوطني الفوز تفسر سبب رؤية هذه الأحلام التي تظهر الرغبة الشديدة للفرد في أن يفوز الخضر، وتتحول هذه الأحلام إلى كوابيس مع الضغط النفسي وتختلف هذه الحالة من فرد لآخر باختلاف الشخصيات. فكما هو معروف الخوف المتزايد من الشيء يجعل الشخص يرى الكوابيس، وهذا لا يعني أنها أحلام ستتحقق بالضرورة، خاصة أن مجتمعنا الجزائري اعتاد على تفسير الأحلام بعكس معناها، فهناك من يقلق إذا ما رأى الفريق الوطني فاز في مقابلة ما، إذ يحسب أن هذا يعني خسارته لها.