أتمنّى من كل قلبي أن ينجح الجاحظيون في جمعيتهم العامة، ويوفّقوا في اختيار رئيس جديد للجاحظية، يكون خير خلف للطاهر وطار، الذي حمل على كاهله ثقل هذه الجمعية أزيد من عشرين سنة، وأعطاها من جهده ووقته ما لم يعطه رئيس لجمعية في كل تاريخ الجمعيات الثقافية عندنا وقد انتهت كل الجمعيات إلى التبدّد والتلاشي والإفلاس، فيما بقيت الجاحظية صامدة كل هذا الوقت، بفضل الطاهر وطار الذي كان صمّام الأمان، وبفضله استمرّت الجاحظية في التواجد والنشاط والنشر كل هذا الوقت، وأسهمت أيّما إسهام في تحريك المشهد الثقافي بالكثير من الفعاليات والأنشطة والمواقف، منها جائزة مفدي زكريا المغاربية للشعر، التي انطلق منها كثير من الشعراء الجزائريين والمغاربيين ... كل هذا الرصيد وغيره، لا أريده أن يذهب سدى، أدراج الأهواء والمطامع، وأن لا يكون مآل الجاحظية هو نفس مآل جمعية المعنى أو جمعية إبداع، أو اتحاد الكتّاب الجزائريين. ولذلك، فإنني أتمنّى على الجاحظيين أن ينأوا بأنفسهم عن الصراعات المقيتة، والنزاعات التي يمكنها أن تعصف بهذه الجمعية الثقافية وتدمّر جهود من بناها وأوصلها إلى ما هي عليه .. لا أريد لهذا الإرث الثقافي، وهذه التركة الجميلة أن تتحوّل إلى مصدر لنزاع الإخوة الذين رضعوا حليبها وتربوا في أحضانها، وكان للطاهر وطار أن جعل من بعضهم كبارا، بما أسبغ عليهم من شخصيته وهالته.. أنا متأكد بأن الجاحظيين يمكنهم أن يحدثوا الاستثناء الجميل، ويخرجوا برئيس جديد، ينتخب بشكل ديمقراطي شفّاف، ويكون محل إجماع الجميع، لو تحلوا بشيء من الوفاء لذاكرة الطاهر وطار، وبقليل من الغيرة على الجاحظية، واستطاعوا أن يتجاوزوا خلافاتهم التي بدأت تخرج إلى العلن، وتثير مخاوف محبي الجاحظية من أن يكون مصير الجاحظية غامضا ومفتوحا على احتمالات ومآلات لا تبعث على الارتياح والتفاؤل بقدرة المثقفين الجزائريين على التعايش فيما بينهم، والتأسيس لما يجمعهم، لا ما يفرّق بينهم. مؤتمر الجاحظية هو امتحان لنا جميعا نترقّب ما سيفضي إليه من نتائج، قد تكون مخيبة للآمال، وقد تكون نهايتها سعيدة، عرسا ينبثق عنها رئيس جديد من الجيل الجديد، يمكنه أن يعطي نفسا قويا للجاحظية، يهنأ به الطاهر وطار في رقدته الأبدية. أحمد عبدالكريم